ففي الوقت الذي يشن المغرب حربا ضروسا على أتباع منظمة "داعش" الإرهابية، وتبت محاكم وزارة العدل يوميا في قضايا تفكيك الخلايا الإرهابية للمتطرفين والتكفيريين والجهاديين بفضل يقظة رجال الأمن، ها هو الرجل الثاني بعد وزير العدل والحريات يزاحم وظيفة القائمين على خدمة بيوت الله بشكل يثير الريبة، خاصة وأن المغرب تفصله ثلاثة أشهر عن الانتخابات التشريعية، وما تقتضيه هذه المرحلة من وظيفة الكاتب العام لوزارة العدل من حرص ويقظة وتركيز، بدل أن يندس بين المصلين ويؤدي وظيفة القيم الديني. لا نعلم من هي الجهة التي رخصت للكاتب العام لوزارة العدل لممارسة هذه الوظيفة، هل وزارة العدل أم وزارة الأوقاف؟ وفي كلتا الحالتين التطاول للجمع بين وظيفتين هو أمر منبوذ، لاسيما في حالة منصب سام يفرض على صاحبه الالتزام بالاستقلالية ومسؤولية المنصب الرفيع الذي يجعله في منأى أي شبهة "دينية" أو تسويق لفصيل من الفصائل الدينية الأصولية أو الدعاية لحزب يحمل حقيبة وزارة العدل. كنا ننتظر من الكاتب العام لوزارة العدل أن يعتكف مع فقهاء القانون في صياغة المعاهدات الدولية مع منظمة المحكمة الجنائية الدولية أو منظمة العفو الدولي أو الأنتربول، بدل الاعتكاف في المساجد، لأن من شروط القيم الديني التفرغ لحراسة بيوت الله، والتحول إلى "رجل دين" بكل ما في الكلمة من معنى، فهل يملك الكاتب العام لوزارة العدل كل هذا الفائض من الوقت؟ ومن يقوم بمهامه الواسعة والثقيلة بالوزارة؟ هذه الأسئلة نتركها لوزير العدل للإجابة عنها.