على ضوء انتخابات الجمعية العامة للأمم المتحدة: القضية الوطنية ما بين التخلص من أعضاء معادين بمجلس الأمن والتحاق آخرين أكثر عداء

على ضوء انتخابات الجمعية العامة للأمم المتحدة: القضية الوطنية ما بين التخلص من أعضاء معادين بمجلس الأمن والتحاق آخرين أكثر عداء

شكل يوم الثلاثاء 28 يونيو 2016، بالإضافة إلى تأريخه لمرحلة أخرى في مسار مجلس الأمن نتيجة انتخاب أعضاء جدد غير دائمين به، (شكل) نافذة للمغرب من أجل النظر إلى الاحتمالات التي من المنتظر أن يشهدها ملف الوحدة الترابية مستقبلا، وذلك على ضوء دراسة مواقف الدول المنسحبة وأيضا تلك التي عوضتها من الملف.

هذا، ومن المعلوم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة انتخبت كلا من السويد وبوليفيا وإثيوبيا وكازاخستان لعضوية مجلس الّأمن الدولي، في الوقت الذي تتنافس هولندا وإيطاليا على المقعد الخامس الشاغر. كل هؤلاء سيحلون محل كل من إسبانيا وماليزيا ونيوزيلندا وأنغولا وفنزويلا، على أساس أن تشغل الدول المنتخبة مقاعدها بداية السنة المقبلة لولاية من عامين.

أما عن الإطار العام الذي انتخبت فيه كل دولة، فكازاخستان التي تحظى بهذا المقعد لأول مرة فازت عن منطقة آسيا والمحيط الهادي متقدمة على التايلاند في الدور الثاني بفارق كبير من الأصوات. أما إيثيوبيا فلم تواجه أي منافسة بفعل اختيارها بشكل مسبق من قبل المجموعة الإقليمية التي تمثلها، وكذلك الشأن بالنسبة لبوليفيا بعد أن حصلت على 183 صوتا، فيما نالت السويد أحد المقعدين المخصصين لغرب أوربا بحصولها من الدور الأول على 134 صوتا.

- تفاؤل خروج أنغولا وفنزويلا الذي أحبطه دخول السويد وإثيوبيا وبوليفيا

لم يكن لتلقي خبر وجود أنغولا وفنزويلا ضمن المنسحبين من التشكيلة المقبلة لأعضاء مجلس الأمن غير الدائمين، إلا أن يثلج صدور المغاربة، نظرا لما عرفت به هاتين الدولتين من مواقف معادية لقضية الوحدة الترابية. وإصرارهما في كل مناسبة على محاولة ترجيح كفة الخصوم.

غير أنه وبالمقابل، سرعان ما يطبع هذا الارتياح نوع من التشويش جراء الانضمام المرتقب لدول لا تقل عداء إن لم نقل بدرجة أكبر ومنسوب أشد. وفي مقدمتها السويد متبوعة بإثيوبيا وبوليفيا. الأمر الذي يطرح العديد من الأسئلة عن السيناريوهات المرتقب حدوثها خلال أشهر السنة المقبلة، وفيما إذا كان بوسع الدبلوماسية المغربية مواجهة تلك السياسات المكشوفة على الرغم من المناورات المقنعة التي تمارس في هذا الشأن كما هو حال استوكهولم.

- المحلل السياسي سمير بنيس: انتخاب السويد وبوليفيا إلى جانب إيثيوبيا لا يخدم مصالح المغرب في قضيته الأولى

إذا نظرنا للدول التي تم انتخابها، أي السويد وبوليفيا وإثيوبيا وكازاخستان، سنجد بأن ثلاثة منها لها مواقف موالية للبوليزاريو. بحيث أنه لا يخفى العلاقات الدبلوماسية التي تربطها إثيوبيا وبوليفيا مع هذا الكيان الوهمي، كما أن السويد وإن لم تعترف بالبوليزاريو فإنها تظل من الدول التي تقدم له الدعم السياسي والمادي.

وفيما يمكن تسجيل بعض التوازن في مجلس الأمن بين العضويين الإفريقيين إثيوبيا والسنغال بالإضافة إلى مصر العضو العربي بالمجلس، فإنه سيكون اختلال على مستوى الدول لأعضاء الأوربيين، خاصة وأن إسبانيا ستنتهي ولايتها في دجنبر وستعوضها السويد. وكلنا نعلم الدور الإيجابي الكبير الذي لعبته الجارة الشمالية خلال شهري مارس وأبريل الماضيين من مؤازرة سياسية للمغرب إلى جانب السنغال وفرنسا ومصر في مواجهته الدبلوماسية مع الأمين العام.

ومن ثمة، فبوجود إسبانيا إلى جانب فرنسا كانت الجبهة السياسية الداعمة للمغرب قوية، إنما بتعويض السويد لإسبانيا أظن بأن ذلك السند سيتراجع. وقد يختل هذا التوازن أكثر في حال انتخاب هولندا أو تقاسمها الولاية مع إيطاليا كما يرجح. علما أن كلا من هولندا والسويد بالإضافة إلى بريطانيا قبل انسحابها من الاتحاد الأوربي من الدول الأولى التي تعارض تضمين المواد الفلاحية القادمة من الصحراء في الاتفاقية الفلاحية ما بين المغرب والاتحاد الأوربي. كما أن هولندا رفضت بشكل قاطع إدراج الصحراء في اتفاقية الضمان الاجتماعي التي تجمع بلدها والمغرب، ناهيك على أن هذه الدول غالبا ما تثير مسألة استغلال المغرب للثروات الطبيعية الموجودة في الصحراء وملف حقوق الإنسان.

كل هذا ينبئنا بأنه في حالة انتخاب هولندا إلى جانب السويد ينتظر أن تعمل هذه الدول بمعية إثيوبيا وبوليفيا على إعادة إثارة ملف حقوق الإنسان وإنشاء آلية لمراقبة ملف الصحراء، فضلا عن ما يسمى باستغلال الثروات الطبيعية. وفي هذا الصدد، لابد من أخذ معطى آخر بعين الاعتبار، وهو أنه على الرغم من كون السويد تراجعت السنة الماضية على الاعتراف بما يسمى بالدولة الصحراوية، إلا أن ذلك لن يمنع من عملها في الكواليس واقتراح على بوليفيا وإثيوبيا تقديم مبادرات ضد مصالح المغرب والضغط على مجلس الأمن لغاية تغيير ضوابط العملية السياسية، وإعادة التأكيد على مسألة تقرير المصير، مع جعل الاتحاد الإفريقي طرفا أساسيا في النزاع.