أحمد بومعيز: عن ميثاق أحزاب الأغلبية في المغرب

أحمد بومعيز: عن ميثاق أحزاب الأغلبية في المغرب أحمد بومعيز

وقعت يوم 19 فبراير 2018 أحزاب الأغلبية الحكومية المغربية الستة على ميثاق مشترك يحدد أسس وطريقة عملها في المؤسسات السياسية والدستورية.

وحسب المتتبعين للشأن السياسي في المغرب، فإن التوقيع جاء بعد بروز شبه أزمة وسجال داخل بيت الأغلبية في ظل ضعف التجانس بين المكونات الحكومية الستة التي تختلف في توجهاتها الفكرية والإيديولوجية، وحتى في برامجها الذي تقدمت بها في الانتخابات التشريعية الأخيرة. كما أن التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة السابق عبد الاله بنكيران، والذي تمت إزاحته بعد فشله في تشكيل الأغلبية عجلت، حسب بعض المعطيات، بالتوقيع على الميثاق نظرا لمؤشرات التصدع الذي بدأت تظهر داخل حزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة، وتأثير ذلك على السير العادي للفريق الحكومي وأغلبيته داخل الحكومة والبرلمان.

ويقوم هذا الميثاق على خمسة مرتكزات أساسية، تتعهد الأحزاب المشكلة للأغلبية بالعمل على تحقيقها، وهي: التشاركية في العمل، النجاعة في الإنجاز، الشفافية في التدبير، التضامن في المسؤولية، الحوار مع الشركاء.

وبالنظر لهذه المرتكزات، يمكن القول إن الميثاق في حد ذاته يبقى شكليا، ويطرح مرتكزات بديهية مفروضة وقبلية في كل تشكيل مؤسساتي أو مجموعة عمل حتى ولو لم تكن حكومة. فهل يمكن الحديث عن ائتلاف حكومي ممكن ومفترض أن يقوم ويستمر في تدبير شؤون البلاد في غياب عناصر أساسية وبديهية كالتشارك والشفافية والتضامن في المسؤولية والحوار مع الشركاء؟

بالطبع، يمكن أن نعتبر هذه المرتكزات نظريا هي من باب تحصيل الحاصل من جهة، ومن جهة أخرى من أجل التعبير عن نوايا الأحزاب في العمل بشكل مشترك حتى نهاية الولاية الحكومية التي لم تتم بعد سنتها الأولى. لكن المحك الحقيقي والموضوعي هو قدرة هذه الحكومة/ الأغلبية على تفعيل التزاماتها أمام المواطن، سواء في شقها التنفيذي كحكومة أو في شقها التشريعي كبرلمان (مجلس النواب) وأيضا انسجاما مع برامجها وتوجهاتها المعلنة في حملاتها الانتخابية وحتى قبل تشكيل الحكومة. فالجميع يعلم التحديات المطروحة وطنيا في مجالات عدة مرتبطة بالأداء الحكومي، كالتنمية في بعدها الشامل والمستدام، والحكامة وتدبير المجال، ومشكل البطالة والتشغيل والتعليم والصحة، وتأهيل البنيات وتتبع وتقويم المشاريع والأوراش المفتوحة. مع الإشارة إلى عنصر آخر محدد، وهو التدبير الداخلي للأحزاب المشكلة والمكونة للأغلبية، وهو أمر مهم وأساس، إذا لا يمكن الرهان على الأحزاب إلا إذا كانت قوية قادرة على أداء أدوارها بشكل فعال، ومنها التعبئة والتأطير والوساطة، وهي مهام ومسؤوليات باتت تثير الكثير من التساؤلات، ارتباطا بالجدوى والمردودية والانخراط والفعالية، كما أنها تعتبر من العناصر المستعرضة التي تعني كل الأحزاب المغربية من المعارضة إلى الأغلبية.

كما تبقى وضعية الاختلاف البين بين المرجعيات الفكرية والتوجهات الإيديولوجية للأحزاب المشكلة للأغلبية نقطة ضعف من الصعب إغفالها أو التحكم فيها، خصوصا إذا أضيفت إلى كثرة الأحزاب المشكلة للأغلبية (6 أحزاب)، فالحزب القائد للحكومة هو حزب العدالة والتنمية بمرجعية إسلامية محافظة، وقواعده يتقاسمها تيار الوزراء وتيار بنكيران الغاضب من المؤسسات، وحزب التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري بتوجه ليبرالي، وحزب الاتحاد الاشتراكي الذي يترأس مجلس النواب وحزب التقدم والاشتراكية بتوجه اشتراكي ديمقراطي...

وهكذا، وبهذا التشكيل، سيكون من الصعب على جميع مكونات الأغلبية توحيد كل زوايا النظر، والوفاء التام للميثاق، خصوصا إذا علمنا أن أحزابا حليفة في الحكومية الحالية تعتبر الأخرى شبه نقيض لها، وستكون خصما في الاستحقاقات المقبلة.