وصفة عبد الله بوصوف لنقل التدين المغربي لدول أخرى

وصفة عبد الله بوصوف لنقل التدين المغربي لدول أخرى عبد الله بوصوف

قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، يوم السبت 17 فبراير 2018، بالدار البيضاء، إنه يكتب في نسق وفي اتجاه واحد، الأصل فيه تقديم مشروع يستجيب لحاجيات العصر، في ظل التشنجات التي تعرفها العديد من المجتمعات الغربية في السنوات الأخيرة .

وأوضح بوصوف، خلال حفل تقديم مؤلفاته برواق مجلس الجالية المغربية بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الرابعة والعشرين، التي تختتم اليوم الأحد 18 فبراير 2018، أن مرد هذه التشنجات "انتشار العنصرية والإسلاموفوبيا، وكذا نشاط الحركات الدينية المتطرفة في استقطاب الشباب ودفعهم إلى قتل الناس باسم الدين".

وتساءل بوصوف "كيف نجعل من أنفسنا وتراثنا وقيمنا وسيلة للعيش بسلام داخل المجتمعات المتعددة؟ وكيف تجعل الجالية المغربية المقيمة في أكثر من مائة دولة من تدينها نموذجا يحتذى به لتسهيل اندماجها داخل المجتمعات الغربية مع الارتباط بهويتها الوطنية؟".

وقدم بوصوف مؤلفات مثل "الإسلام والمشترك الكوني" الصادر بثلاث لغات، و"الإسلام والغرب ووسائل الإعلام" الصادر باللغة الفرنسية، ومؤلفه الجديد "ملكية مواطنة في أرض مسلمة كيف استطاع محمد السادس وضع ركائز نموذج ديني كوني" الصادر في فرنسا.

وعن الكتاب الأول، قال بوصوف إنه ركز على فكرة أساسية مفادها أن مبدأ التسامح والعيش المشترك مبدأ ثابت في النصوص الدينية وكذا على امتداد التاريخ الإسلامي، واستشهد بنموذج الدولة في الإسلام التي طالما احتضنت مجموعات دينية متعددة وشهدت تمازجا دائما بين المسلمين وباقي الديانات السماوية، وأيضا بمواقف تاريخية وشهادات لشخصيات من خارج المنظومة الإسلامية حول العيش المشترك في المجتمعات المسلمة منذ القدم.

أما الكتاب الثاني "الإسلام والغرب ووسائل الإعلام"، فأكد بوصوف أنه يتطرق لفهم أسباب التطرف والارهاب وكيف أن الإرهاب ليس مرتبطا بثقافة معينة أو ثقافة معينة وأن ما شهدته المجتمعات الغربية من إرهاب باسم الدين وجد تربته داخل هاته المجتمعات، مند عقود، ولم يصدر إليها حديثا من دول الأصل، بل كان هناك استغلال للدين في تغليف وتبرير هذا الفكر المتشدد.

أما الكتاب الثالث "ملكية مواطنة في أرض مسلمة كيف استطاع محمد السادس وضع ركائز نموذج ديني كوني"، فقد سعى فيه المؤلف إلى تحليل الأسس التاريخية التي ينبني عليها النموذج المغربي القائم على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني في ظل إمارة المؤمنين.

ودعا بوصوف إلى عدم قراءة التاريخ الإسلامي بمنظور غربي، مؤكدا أن التاريخ هو تجارب إنسانية متعددة يجب فهمها في إطار شمولي يحترم خصوصيات كل تجربة على حدى، ومبرزا أن الكونية أيضا يمكن أن تأتي من تجارب تاريخية من الجنوب وليس فقط من الغرب بشكل عام.

وتطرق المؤلف بوصوف في هذا المؤلف إلى نموذج التدين بالمغرب وكيف استطاعت إمارة المؤمنين أن تكون الضامنة لحرية المعتقد في المغرب لكافة المجموعات الدينية، مقدما في نفس الاتجاه خصائص ومميزات الوسطية والاعتدال في المذهب المالكي، وكذا أهمية العقيدة الأشعرية التي تمنع تكفير الآخر وتعترف بأهل الذمة كبعض مكونات للمجتمع الإسلامي، إضافة إلى التصوف السني التي يشكل منطقة عازلة تجتمع فيها جميع المعتقدات ويسود فيها السلم والحب من دون تأثير لمعتقد على آخر.

وفي ظل المصلحة العامة ومصلحة الإنسان التي ينبني عليها المذهب المالكي، لم تفت بوصوف الإشارة إلى نماذج من مواقف رسمية للمجلس العلمي الأعلى من بعض القضايا المعاصرة المطروحة ذات الراهنية، كما طرح إمكانية نقل النموذج المغربي في التدين لدول أخرى، معتبرا بأنه نموذج قابل للتطبيق في دول غربية إن كانت هناك معرفة حقيقية بالدين واستحضار الاجتهاد والحس النقدي بما يحقق مصلحة الفرد والمجتمع، وأيضا باستحضار شخصيات مفكرين وفلاسفة مسلمين لهم مصداقية ومكانة في الفكر الغربي العقلاني مثل ابن خلدون، وابن رشد، وابن عربي والشريف الإدريسي.