عبد الرحمان العمراني: دور التمثلات perceptions

عبد الرحمان العمراني: دور التمثلات perceptions عبد الرحمان العمراني

الحقائق والأحكام لا ترتسم في الأذهان دائما انطلاقا من المعطيات الموضوعية أو استنادا إليها، بل مما قد يتراكم فيها من تصورات قبلية نسميها التمثلات.. إليكم مثالا عنها:

يذكر Alfred Groomer الباحث الفرنسي في العلاقات الدولية في كتابه les occidentaux الذي تتبع فيه مسار العلاقات الأمريكية الأوروبية خلال الثلاثين سنة التي أعقبت الحرب العالمية، يذكر حكاية في غاية الظرافة.

خلال إحدى الاجتماعات التي جمعت مسؤولين من وزارة الخارجية الفرنسية وأعضاء من الأحزاب الرئيسية في فرنسا، خصص لاستشراف الأوضاع العامة في أوروبا عقب الحرب، شاءت المصادفة أن يجلس موريس طوريز زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي وقتها قبالة رئيس الوفد الأمريكي.

وخلال الاجتماع لاحظ الجميع أن المسؤول الأمريكي ظل مركزا بقوة في نظراته على السيد طوريز لا يغير اتجاه نظرته. وكان السيد طوريز رجلا قوي البنية الجسمية، ذو رقبة غليظة ووجه تشع منه الصحة والعافية.

وخلال جلسة الاستراحة أسرع بعض الصحافيين صوب المسؤول الأمريكي يستفسرونه: السيد رئيس الوفد، لماذا أكثرتم نظرات التركيز على السيد طوريز بذلك الشكل الكثير للانتباه.

فكان رده الذي أثار ضحك كل من سمعه:

I can't understand how such an healthy man be communist

أي "أنا لا أفهم كيف يمكن لإنسان بصحة وسلامة وعافية طوريز أن يكون شيوعا". وكان ذلك كافيا لمعرفة التمثل الذي كان يحمله المسؤول الأمريكي بخصوص هذا الموضوع.. فالشيوعي في ذهنه هو بالضرورة رجل نحيف ضعيف البنية، ولا يمكنه أن يكون بالعافية التي يتمتع بها السيد طوريز.