رمضاننا.. نهار بـ "إمساك" وليل تحت جنح شعار "التعربيطة حلال"

رمضاننا.. نهار بـ "إمساك" وليل تحت جنح شعار "التعربيطة حلال"

مباشرة بعد توقف حظر التجوال الذي يفرضه أذان صلاة المغرب بجميع الشوارع والأزقة، يتبين بأن نداء "الله أكبر" لا يحرر فقط شهوات البطن والفرج، بل أيضا أمور أخرى تنفلت بذكره من عقالها، ولا تعود إلى رشدها إلا مع وضوح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وكأن الموضوع موضوع انتقام من ساعات الصوم والحرمان من ملذات السجائر والرقص، أو جريا وراء ملء خزان المزاج استعدادا لإمساك اليوم الموالي.

وإن كانت الظاهرة لا تستثني معظم المدن المغربية، فإن للدار البيضاء طابعها الخاص حيث تحتفظ بطقوس غريبة، إذ تتحول أغلب المقاهي إلى ملاذ لعشاق السهر الرمضاني، وتعقد صفقات اللقاءات الحميمية وجلسات "النشاط" من "زيد دردك" الصاخبة إلى الموسيقى الهادئة لـ "شاريين الظلام".

بمنطقة عين الذئاب التي كانت الوجهة الأولى لجولة "أنفاس بريس" ارتدى الشباب من الجنسين أرقى ما في خزاناتهم من ملابس، ووضعوا حليا على كل جزء من أجسادهم أو ثقب بها استعدادا لولوج مقاهي صارت برؤية الهلال ملاهي لا يستطيع الاقتراب منها سوى من أدى واجب 300 إلى 500 درهم دون احتساب مقابل استهلاك ما يعرض من مشروبات. الجميع في منتصف وعيهم طالما أن البديل موجود للسفر إلى عوالم أخرى. فما حرم بقوة القانون في هذا الشهر من "بيرة" أجازته "الفرشاخة"، وما تركته قارورات "عيشة الطويلة" من فراغ سده "المعجون والكالة والشيشة". وليس أصحاب الإمكانيات المادية المحترمة من يجدون متنفسهم بعد المغيب، ولكن أيضا الفقراء. فهم الآخرين يصرون بطرقهم الخاصة على الخروج من أجواء الصيام والقيام إلى أجواء التمايل على أنامل الفنانين الشعبيين المصاحبة لكمنجاتهم. إذ تكفي 30 درهما وملابس حرضت سخونة الطقس على أن تكون من النوع الكاشف لتضاريس الأجساد، للاستمتاع بأوقات لا تضاهيها ربما الشهور الباقية. وحتى من لم يتمكن من ذلك لظرف من الظروف فرمال الشاطئ والحدائق "فالذمة".