موقف إسبانيا الذي أفزعها مظهر "الشباكية" المغربية المعسّلة "وسلّو" الداكن اللون، يبدو فيه عداء واضح وإعلان الحرب على رموز المائدة المغربية التقليدية خلال شهر رمضان، خاصة وانه منذ عقود والمغاربة تعودوا على إرسال حلويات وشباكية وتمور وسلو لأهاليهم بأوربا في هذا الشهر الكريم. لكن المستهدف الحقيقي في هذه الحملات الاستفزازية ليست "الشبّاكية" و"سلّو"، بل شركات النقل المغربية لخنقها والتضييق عليها، إذ يتم يوميا توقيف ما بين 15 و20 حافلة مغربية بميناء الجزيرة الخضراء وسحب مقطوراتها وحجز حمولتها. الاستفزاز الإسباني الخبيث لم يكن وليد اليوم، بل بدأ منذ 9 يونيو 2016 في إطار صراع اقتصادي من أجل البقاء يضرب في مقتل المنافسة الشريفة، ويتنكر للاتفاق الإسباني المغربي في الاجتماع الذي عقدته اللجنة العليا المشتركة بالرباط بين البلدين عام 2014 بأحقية الحافلات المغربية في نقل سلع بسيطة لعائلات الجالية المغربية المقيمة بأوربا. لكن إسبانيا التي تنظر إلى المغرب بعين "الحسود" وليس الشريك الاقتصادي والجار المتوسطي تراجعت عن هذا الاتفاق منذ عام 2015، وها هي اليوم تحاصر نحو 3 ملايين مهاجر مغربي بأوربا، خاصة أن إسبانيا هي المعبر الرئيسي للحافلات المغربية لنقل السلع والهدايا والتذكارات المغربية نحو بلدان إقامة الجالية المغربية بفرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانياوايطاليا. إسبانيا التي تغار من كل ما هو مغربي، من الطماطم والزيتون والبطاطس والحوامض والسمك، والآن "الشباكية" و"سلو" اللتان تصنفان ضمن قائمة السلع الممنوعة من دخول التراب الإسباني. كل هذه "القيامة" ووزارة النقل والتجهيز في "دار غفلون"، ووزير الجالية لم يتبق للمهاجرين المغاربة إلا أن يقرؤوا عليه "صلاة الغائب"، أما وزير الخارجية فمنذ واقعة "التفعفيع" المشهورة صام عن الكلام، والنتيجة أن الجالية المغربية المقيمة بأوربا أهدرت مصالحا، لأنها لم تجد حكومة قوية قادرة على الدفاع عن حقوقها ومصالح شركات النقل الوطنية، لاسيما وأن المهاجر المغربي يختار نقل سلعه على متن الحافلات لعدة اعتبارات:
1- السرعة في إيصالها إلى الأحباب عكس الإجراءات المعقدة لنقلها عبر الطائرة وكلفة التعشير الباهظة والمساطر البيروقراطية المتكلسة. 2- استغلال المناسبات الدينية والاجتماعية لإرسال هذه السلع كشكل من أشكال صلة الرحم وعنوان على الكرم المغربي وتمسك المغاربة بعاداتهم وموروثهم الاجتماعي والديني 3- حق تنقل السلع من المغرب نحو أوربا حق مكتسب منذ عقود 4- المغربي لا ينقل معه الأطنان من السلع الغذائية، بل كميات قليلة للاستهلاك العائلي . موازاة مع هذه الطعنة الإسبانية لقطاع النقل المغربي، لابد من استحضار الخسائر التي تكبدها القطاع بعد هجمات باريز وبلجيكا الإرهابية حيث تراجع رقم المعاملات بشكل مهول، وهاهي إسبانيا اليوم تعمق جراح هذه الشركات المغربية ولا حياة لمن تنادي.. لنتخيل أن المغرب قام بإعلان "الحظر" على "الحلّوف" الإسباني او " السانغريا" الاسبانية ومنعها من دخول التراب المغربي، ربما إسبانيا قد تستدعي السفير المغربي بمدريد من أجل التشاور، ومن يدري فقد تحيي جيش فرانكو لغزو المغرب !!