علي بوطوالة:السلطة أغلقت القوس الحقوقي وهذا هو هدف ملاحقة مناضلي اليسار قضائيا

علي بوطوالة:السلطة أغلقت القوس الحقوقي وهذا هو هدف ملاحقة مناضلي اليسار قضائيا علي بوطوالة

يرى الدكتورعلي بوطوالة، الكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في حديثه لـ" أنفاس بريس"، أن المتابعات القضائية التي يتعرض لها أعضاء حزب الطليعة والاشتراكي الموحد تدخل في إطار ترهيب وتخويف مناضلي فيدرالية اليسار الديمقراطي، نظرا للدور الذي تلعبه فيدرالية اليسار الديمقراطي في دعم ومساندة الحراك الاجتماعي في كل المدن والمناطق المهمشة والمقصية:

-كيف تنظرون الى الملاحقات القضائية التي يتعرض لها أعضاء حزبكم وأعضاء الإشتراكي الموحد بكل من أوطاط الحاج وبني ملال وغيرها ؟

في الحقيقة، فكل هذه المتابعات تدخل في إطار ترهيب وتخويف مناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي ومناضلي الحزب الإشتراكي الموحد، ومناضلي فيدرالية اليسار الديمقراطي عموما، نظرا للدور الذي تلعبه فيدرالية اليسار الديمقراطي في دعم ومساندة الحراك الإجتماعي في كل المدن والمناطق المهمشة والمقصية، وفي دعم المطالب التي ترفعها ساكنة هذه المدن، وكما تعلمون فإن الدولة دائما التعاطي مع هذه الإحتجاجات بالمقاربة الأمنية والتي تتضمن الأمن الزجري المباشر، وما يسمى بالأمن الوقائي والذي يتجلى في تهريب وتخويف المناضلين باستنطاقهم ومتابعتهم القضائية أمام المحاكم وإصدار أحكام مثل الحكم الذي صدر ضد المناضل جلال الحلماوي في بني ملال بشهر موقوف التنفيذ مع أداء الغرامة..هذه الأحكام كلها تدخل في إطار التخويف والترهيب، وبالتالي إبعاد مناضلي اليسار عن الجماهير الشعبية، وهذا ما كانت الدولة دائما تسعى إليه أي خلق هوة بين مناضلي اليسار وبين الجماهير الكادحة، وخاصة الجماهير المحتجة والمنتفضة التي تطالب بحقوقها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وبالحريات العامة، ونحن نستنكر هذه المتابعات ونحتج ضد هذا الأسلوب، ونطالب بوقف المتابعات والملاحقات القضائية وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراك في جميع المناطق المغربية سواء في الحسيمة أو زاكورة أو جرادة أو اوطاط الحاج وغيرها، فهذه كلها مناطق متضررة ، ولابد من رفع الحيف عنها وإنصافها، علما أن تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة أشار الى جبر الضرر الفردي وجبر الضرر الجماعي الذي ينطبق على المناطق التي تعرضت للتهميش والإقصاء والقمع طيلة نصف قرن تقريبا، والآن هذه المناطق تعيش مضاعفات هذا التهميش لعشرات السنين، فهناك خصاص كبير على مستوى الخدمات الإجتماعية والحاجات الأساسية، وخاصة على مستوى الشغل، الصحة، التعليم، النقل..نظرا لإستمرار نفس الإختيارات، واستمرار هذه السياسة التفقيرية تجاه هذه المناطق رغم تغير الحكومات، وتداولها على المسؤولية وتدبير الشأن العام..

-هل هذا يعني وجود تراجعات عن مضامين دستور 2011 وعن الأجواء التي رافقت حراك 20 فبراير ؟

هذا مؤكد، كما جاء في العديد من التقارير، وكما جاء في البيان الذي أصدرته فيدرالية اليسار الديمقراطي..فهناك تراجعات كبيرة على مستوى ما تحقق من مكاسب جزئية في دستور 2011، والآن نلاحظ وجود تشدد في إغلاق القوس الذي فتح عام 2011 والعودة الى ملكية تنفيذية قوية لما قبل 2011، وهو في نهاية المطاف استبداد مقنع، وإن كان لا مجال للمقارنة بين الوضع في المغرب والوضع في بلدان عربية أو إفريقية، ولكن من المفروض أن المغرب الذي كان له تراكم، الى جانب تمتعه بخصوصية التنوع والتعدد الثقافي والسياسين، ووجود نوع من التوازن بين السلطة والمعارضة والذين يضمن هذا الهامش من الحريات والحقوق..وهذه التراجعات في الحقيقة تهدد الإستقرار في المغرب، والرجوع به الى منطقة الزوابع وعدم الإستقرار، والتي لايمكن لأي كان أن يتنبأ بمضاعفاتها الوخيمة، ولهذا نحن نلح على المسؤولين كي يتراجعوا عن هذا المنحى التراجعي وأن يبادروا بإطلاق سراح كل المعتقلين على خلفية الحراك، لأن هذه هي الخطوة الأولى لتنفيس الضغط والإحتقان، لأن الإحتقان لاينبغي أن يستمر، فكلما استمر كلما تضاعف، وكلما تضاعف كلما أدى الى نفجارات غير متحكم فيها.

-وهل الجسم اليساري محصن بما فيه الكفاية لمواجهة التراجعات التي أشرتم إليها ؟

طبعا..اليسار له تجربة طويلة تمتد لعشرات السنين في مواجهة القمع، سواء الإعتقالات أو المحاكمات أو القمع الإقتصادي من خلال الطرد من الوظيفة، جميع أنواع القمع جربناها كيسار، وبالتالي فمناضلي اليسار لهم ما يكفي من الحصانة والمناعة في مواجهة كل أشكال التضييق والقمع والمحاكمات، والتخويق والترهيب، ولكن بالنسبة للمواطنين والمواطنات بشكل عام فهم ليست لهم نفس الخبرة والتجربة والتراكم النضالي، ومع ذلك فالجماهير الشعبية نفسها تختبر يوميا وتكتشف أنها لايمكن أن تحصل على حقوقها وحرياتها إلا بالنضال، وهذا هو الجانب الإيجابي في المسألة، وهذا يعيد الثقة الى المواطن بصفة عامة، بأن تحقيق الديمقراطية الحقيقية لن يتأتى كمنحة من أحد، الديمقراطية الحقيقية تتحقق كتتويج لمسار نضالي.

-بعض المراقبين يرون أن هذه الملاحقات في حق نشطاء فيدرالية اليسار الديمقراطية تعد بمثابة إعلان عن بداية المواجهة بين السلطة واليسار، مارأيك ؟

اليسار ليس في مرحلة مواجهة مع السلطة، اليسار له برنامج اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياسي، له مشروع مجتمعي يعمل ويناضل من أجل تحقيقه، ولايستعدي السلطة، هو يحاول بذل كل المجهودات بشكل سلمي وحضاري لكي تقتنع كل القوى وكل الفاعلين السياسيين، بأن المخرج الوحيد من المأزق الذي يوجد فيه المغرب، ومن أزمته المستمرة خاصة على المستوى الإقتصادي والإجتماعي والحقوقي هو الديمقراطية الحقيقية أي الملكية البرلمانية والتوزيع العادل للثروة، والفصل الحقيقي للسلط وتوازنها، وربط المسؤولية بالمحاسبة حقيقة وواقعيا وليس في مجرد الخطاب، حيث نسمع كثيرا عن ربط المسؤولية بالمحاسبة على مستوى الخطاب ولكن على مستوى الممارسة والتنفيذ في الأقاليم وفي الجهات وحتى على مستوى الوطني هناك فرق شاسع بين الخطاب والممارسة، ونحن داخل فيدرالية اليسار الديمقراطي لدينا رسالة حضارية تتوخى إنقاذ وتطور المجتمع المغربي لكي يصبح المجتمع المغربي من المجتمعات المتقدمة، لا نريد عداء أحد ولا نحارب أحد، نحن نحارب التخلف والجهل والفساد والمفسدين، وبطبيعة الحال نحن نجد أنفسنا في مواجهة الفساد بكل أشكاله، وفي مواجهة المفسدين أو القائمين على حماية الفساد، وهذه هي حقيقة الأشياء.