عادل بنحمزة: التضييق على حزب الاستقلال يتم بأساليب بليدة متخلفة على ما كان يتم في فترة إدريس البصري

عادل بنحمزة: التضييق على حزب الاستقلال يتم بأساليب بليدة متخلفة على ما كان يتم في فترة إدريس البصري

في الوقت الذي لم يبلع فيه حزب الاستقلال ريقه، إثر زلزال إلغاء انتخاب الاستقلالي "ينجا الخطاط" كرئيس لجهة الداخلة وادي الذهب، يفاجأ حزب علال الفاسي بإلغاء المجلس الدستوري انتخاب "عثمان عيلة"  كمستشار استقلالي كذلك بالغرفة الثانية عن جهة كلميم واد نون. ضربات جعلت حزب الميزان يعلن الاستنفار ودرجة التأهب القصوى على مستوى مختلف هياكله من أجل المواجهة استعدادا للقادم من المفاجآت، خاصة وأن المغرب مقبل على انتخابات تشريعية في 7  أكتوبر من السنة الجارية. "أنفاس بريس" اتصلت بعادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال وأجرت معه حوارا لتسليط الضوء على هذا الموضوع..

+ كان من المرتقب أن تعقد اللجنة التنفيذية اجتماعها هذا الأسبوع على خلفية ملف "ينجا الخطاط" من الحزب الذي تم إلغاء انتخابه كرئيس جهة الداخلة وادي الذهب، فهل تم  ذلك؟

- لا، لم يتم ذلك لأن الاجتماع أصلا لم يكن مرتقبا، بل تقرر أن يكون اجتماع اللجنة التنفيذية في غضون الأسبوع المقبل.

+ كيف يقرأ حزب الاستقلال التطورات الأخيرة التي تلقى فيها الضربات في قضية الخطاط، ثم إلغاء مقعد آخر للحزب بمجلس للمستشارين، ويتعلق بعثمان عيلة عن كلميم؟

- بداية أرى بأن ما يحصل هو استمرار لمسلسل التضييق على الحزب منذ 4 شتنبر 2015 ومحاولة تقزيمه، حيث أن كل المحاولات التي تمت ضده  إثر المواجهات الانتخابية لم تعط أية نتيجة. واليوم أصبح اللجوء من أجل التضييق يتم عبر وسائل أخرى تتمثل في القضاء.. وهذه الأحكام الصادرة جزء كبير منها مرتبط بالبلاغ "الشهير" لوزارة الداخلية الذي كانت قد أعلنت فيه عن لائحة المستشارين المتهمين بالفساد، وهي الأحكام التي لم يتم تنفيذها، لأنه على الرغم من أن المحاكم فتحت الملفات وقامت بتحقيقات في شأنها، فإن المسطرة انتهت بعدم المتابعة في عدد من هذه الملفات. الآن يأتي المجلس الدستوري بشكل "غريب" ويصدر قراراته معتمدا على حجج أسقطتها المحاكم العادية!! والأخطر من ذلك لا يمكن للمجلس الدستوري أن يعتمد على حجة "التتصت" على المكالمات، والتي هي مخالفة للقانون جملة وتفصيلا، لأن المشرع المغربي أحاط المكالمات الشخصية بكل الضمانات الدستورية، وبالتالي كان على المجلس الدستوري أن ينتصر للقانون أولا.. وهذا الأمر لم يفعله، لأن المشرع المغربي بالنسبة للتنصت، حدد السماح به في جرائم معينة، على سبيل الحصر في قضايا مضبوطة في الإرهاب وتهديد أمن الدولة، ولم يترك حالات التنصت للسلطة التقديرية للنيابة للعامة أو الوكيل العام، نظرا لأن انتهاك سرية المراسلات هو اعتداء على الدستور. وبالتالي من المستغرب أن نرى المحاكم الدونية العادية تسقط المتابعة نظرا لعدم وجود قيمة قانونية لهذا النوع من "الحجج" والمجلس الدستوري الذي كان عليه أن يكون هو الأول والأكثر حرصا على احترام القانون وعلى احترام الدستور هو الذي يعتمد على هذه "الحجج" في أحكامه.. وبالتالي، فعندما تكون الحجج "فاسدة" من الناحية القانونية، فالأحكام التي بنيت عليها فاسدة كذلك.

+ لكن فيما يخص قضية ينجا الخطاط الأمر مختلف لأن إلغاء انتخابه كرئيس جهة الداخلة يدخل في إطار تفعيل للفصل 72 من القانون التنظيمي للجهات حول شرط للإقامة بالمغرب.. فما هو رأيك؟

- بالنسبة للداخلة الوضع خطير جدا، لأن المتابعة في هذا الموضوع حصرها القانون في شخص "الوالي"، وبالتالي فليس لأية جهة الحق في المتابعة، لأنه فيما يتعلق بالجهوية المتقدمة فقد أعطت السلطة المركزية  الحق للولاة كممثلين لها على صعيد الجهات في ممارسة اختصاصاتها في ظروف مهنية وعادية وطبيعية. اليوم "والي" الداخلة لم يحرك أية متابعة لأنه يعرف الواقع وما يجري فيه، و"المدعية" التي رفعت الدعوى، وهي من "البام"، هي التي طلبت قبل ذلك من الوالي التدخل في رسالة عادية.. ولم يتدخل الوالي لأنه اعتبر ما جاء في رسالتها "خاوي" ولا قيمة له.. وهو الشيء الذي أولته المدعية بـ "قرار سلبي" من طرف الوالي موجب للطعن فيه. وهذا غريب، لأن ما هو القرار السلبي؟ أنا أراه "بدعة" وكل بدعة ضلالة!! وأعتقد أن المدعية المعنية ربما أعماها الطموح، وتبحث عن أية وسيلة كي تصل إلى هدفها.. ولكن أن يصل الأمر إلى حد "قبول" الدعوى من طرف المحكمة الإدارية، فهذه هي المصيبة!؟ وهو ما يجعلني أقول بأننا أمام مخطط متوازن متكامل لا يراعي وضعية جهة الداخلة ولا الظروف التي تعيشها قضية الوحدة الترابية. وعندما تقف على حيثيات الدعوى وبعض الأشياء المطروحة فيها، تجد أن الأمر يتعلق بالمس بمواطنة السي "ينجا الخطاط"، وهذا شيء خطير لأنه يمكن أن يكون تنافس على المقاعد وعلى المسؤوليات، وكل يدافع عن أحقيته في ذلك.. لكن أن يتم توريط القضاء وتدخل الدولة كلها في بعض المتاهات، بلادنا في غنى عنها في هذه المرحلة بالذات، فأعتقد أن من يقف وراء هذا لا يعرف حجم العواقب الوخيمة التي يسببها  للبلاد.

ولا يفوتني في ظل هذا المسلسل أن أذكر بقضية عمر حجيرة، عمدة وجدة، التي كان قد قرر الوكيل العام للملك عدم المتابعة في حقه، ثم يتم فيما بعد إسقاط قرار عدم المتابعة! علما بأن الأشغال التي يتكلمون عنها وما وقع فيها من  تبذير لأموال عمومية لم تكن في ولاية السي عمر حجيرة ولكن في ولاية "حادوش" الذي كان في حزب "البام"!

+ معنى هذا أن الحزب يعتبر أن ما يتعرض له يرجع إلى قرار سياسي قبل أن يكون قرارا قضائيا؟

- أكيد هذا موضوع سياسي.. فهنالك رغبة في القضاء على الأحزاب التي لها تاريخ، وخاصة حزب الاستقلال الذي في عمره الآن 84 سنة ويريدون له الموت بطريقة أو بأخرى. ويعتقد هؤلاء، واهمين، بأن المقاعد هي التي تصنع حزب الاستقلال، في حين أن الحزب صنعته قاعدة اجتماعية وحضور سياسي وتاريخي طويلين، حيث تبقى المقاعد مسألة شكلية. وما يعيشه الحزب، اليوم، من مضايقات يشبه ما وقع له سنة 1997. لكن المؤسف اليوم أن التضييق عليه يتم بطريقة بليدة بالمقارنة مع طريقة إدريس البصري آنذاك عندما قام بعملية تقليم أظافر الحزب. صحيح أن هنالك متغيرات كبيرة تحكم في المشهد السياسي، ولكن التدبير المخزني في إعلانه الحرب على حزب الاستقلال تتم بأساليب متخلفة على ما  كان في الماضي.