سعيد السلمي: لهذه الأسباب يجب إسقاط المتابعة القضائية ضد الصحفيين الأربعة

سعيد السلمي: لهذه الأسباب يجب إسقاط المتابعة القضائية ضد الصحفيين الأربعة سعيد السلمي، رئيس مركز حرية الإعلام

أثار قرار المتابعة القضائية لأربعة صحافيين من طرف رئيس مجلس المستشارين، على خلفية تقديم شكاية ضدهم بدعوى نشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق حول صناديق التقاعد، و"إفشاء سر مهني" جدلا كبيرا وغضبا واسعا في الجسم الإعلامي المغربي، نفاس بريس" اتصلت في هذا الشأن بسعيد السلمي، رئيس مركز حرية الإعلام، وأجرت معه الحوار التالي:

+ ما هي قراءتك لمحاكمة الصحافيين الذين يتابعون بتهمة بنشر أخبار حول أعمال لجنة برلمانية لتقصي الحقائق؟

*  المشكلة في هذه الحالة هي المادة 14 من القانون الأساسي 085ـ13 المؤرخ في 31 يوليوز 2014 بشأن سير عمل اللجان البرلمانية التي تمنحها سلطة مطلقة لفرض سرية أعمالها ومعاقبة أي شخص يسرب أو ينشر معلومات عنها بغرامة و / أو بالسجن. وأعتقد أن الصحفيين الأربعة لم ينشروا إلا معلومات صادقة لم تؤثر على مجرى التحقيق ولا علاقة لها بالأمن القومي أو بحقوق الأشخاص، بل على العكس من ذلك، تلقى الصحفيون معلومات تكشف عن الممارسات الفاسدة وسوء إدارة مؤسسة عامة تدير معاشات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية.ووفقا للقانون الدولي والإجتهادات القضائية، فإن نشر معلومات سرية تسلط الضوء على الفساد أو انتهاكات لحقوق الإنسان (في هذه الحالة حقوق الموظفين المدنيين والمتقاعدين) هو حق وواجب على وسائل الإعلام، لأنه يخدم المصلحة العامة ويخدم الحق في المعرفة.

يجب إذن عدم ملاحقة الصحفيين المغاربة في هذه القضية، بل يجب على اللجنة البرلمانية بدلا من ذلك مراجعة نظام حماية معلوماتها السرية التي تتعلق فقط بالقضايا التي تهم أسرار الدولة، وسرية التحقيق وخصوصية الأفراد أو سرية مصادر المعلومات ما لم يأذن بها الأشخاص المعنيون.

أضف إلى ذلك أنه في العديد من البلدان، مثل فرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة وبلجيكا، تكون جلسات لجان التحقيق مفتوحة للجمهور والصحافة، ويمكن أن تنقل جلسات التحقيق على الهواء مباشرة من خلال التلفزيون أو عبر الإنترنت. ويعتبر هذا الإنفتاح ضروريا لمصداقية وشفافية جلسات الإستماع من أجل تعزيز ثقة الجمهور في البرلمان والمبدأ الدستوري المتمثل في مساءلة المسؤولين عن إدارة المؤسسات العامة..

وحتى في المغرب، لم يطرح الموضوع من قبل بحيث كان بإمكان الصحفيين حضور أعمال لجان التحقيق التابعة للبرلمان ونشر أي معلومات دون قلق. وقد تقودنا هذه القضية إلى الإعتقاد بأن الدافع وراءها هو أيضا إدخال استثناءات جديدة على قانون الحق في الحصول على المعلومات تهم "سر مداولات اللجان البرلمانية"، تعديل اعتمد من قبل مجلس المستشارين.

+ تطرح هذه المتابعة في سياق وطني عام يطالب بتنزيل الفصل 27 من دستور 2011 الذي يخول للجميع الحق في الحصول على المعلومة والموجود في طور المصادقة عليه من طرف البرلمان، أليس في الأمر نشاز؟

*  فيما يتعلق بمسألة مشروع القانون الذي اعتمدته غرفة المستشارين، فهو مشروع نعتبره أدنى من المعايير الدولية وأدنى من نماذج عدة بلدان. وهذه بعض النقط التي سجلناها بخصوصه:

-  لا يتضمن القانون ديباجة التي لها أهمية قصوى في توضيح أهداف القانون والقيم والمراجع التي تلهمه والروح التي يجب أن يفسر بها القانون.

.- لا يؤكد النص على سيادة القانون على القوانين أو المراسيم أو اللوائح الأخرى التي قد تحد من ممارسة حق الحصول على المعلومات.

- فيما يتعلق بالمؤسسات المشمولة بالقانون، رفض أعضاء المجلس اقتراحنا بإضافة معلومات تحتفظ بها شركات خاصة يمكن أن تساعد في ممارسة أو حماية حق من حقوق الإنسان أو تكشف عن حالة فساد، فضلا عن أي جمعية أو مؤسسة أو حزب سياسي أو نقابة عمالية أو مؤسسة إعلامية أو مؤسسة خاصة تتلقى إعانات عامة بما يتناسب مع الأنشطة المضطلع بها من أجل تنفيذ المشاريع الممولة من هذه الأموال.

- فيما يتعلق بالإستثناءات، يعرض القانون في مادته 7 قائمة طويلة من المعلومات التي تخضع لحظر مطلق للكشف. وتوصي المعايير الدولية بتطبيق اختبار الضرر على جميع الإستثناءات، وهو ما لا ينطبق على مشروع القانون هذا. وبالإضافة إلى ذلك يجب الكشف عن المعلومات دون أي اختبار للضرر في حالة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية أو الفساد.

- التزام جميع المؤسسات المعنية بالقانون بنشر تقرير سنوي عن تطبيق القانون و الطلبات الموافق عليها و المرفوضة وأسباب الرفض.

- ضعف لجنة الحصول على المعلومات التي لا تملك سلطة إلزام المؤسسات المعنية بالقانون، بإصدار المعلومات في الحالات التي تكون فيها قراراتها بشأن الشكاوى إيجابية.

وأخيرا لابد من الإشارة إلى المشكلة الخطيرة للجزاءات التي تكون فيها إعادة استخدام المعلومات ضارة بالمؤسسة التي أصدرتها، مع نسيان أن طلبات الحصول على المعلومات قد تنطوي على مسائل تتعلق بالفساد أو بحماية البيئة (صحة الجمهور على سبيل المثال) التي ستكشف بالضرورة عن ممارسات تتعارض مع المصلحة العامة وقد تؤثر سلبيا على سمعة المؤسسة.