زينب العدوي أمنا السلطة: أنا هنا لخدمة "نسيبي مول لموختبار" وليس لخدمة المواطن "مول لحمار"

زينب العدوي أمنا السلطة: أنا هنا لخدمة "نسيبي مول لموختبار" وليس لخدمة المواطن "مول لحمار"

في ومضة رؤيوية شبيهة بومضة الروائي البرتغالي الكبير جوزيه ساراماغو، حينما قدم وصفا تصويريا لمقبرة يمتح من الهندسة الكسرية، كتب الكاتب محمد برادة في مجموعته القصصية "سلخ الجلد": "في كل زمان هناك أناس من مختلف الأزمنة". إنها شهية الأدب حينما يغدو عرافا، يتحول إلى ناطق غير رسمي لمنجزات العلم إذ يغدو بدوره علميا.

يقترب محمد برادة من نظرية تعدد الأكوان وهو الأديب. والمعنى الحرفي المستخرج من جملة محمد برادة أن هناك أناسا من أزمنة متعددة يوجدون في لحظة زمنية راهنة. فيقدر أن يكون بيننا، ونحن في 2016، أناس من زمن نبي بورغواطة حاميم.

في إسبانيا اليوم، وفي هذه اللحظة، هناك من يدافع عن جنون دوكيشوت ويقول: إن رؤية طواحين الهواء كعمالقة خير من إنكار وجود طواحين الهواء.

إن القائلين بصواب جنون دونكيشوت هم من زمن سيرفانتيس. ولعلهم من بلدة دونكيشوت نفسها. في النهاية التزم بطلهم بقوانين الفروسية من غير انتقاص. مضى من أجل تحقيق عدل في مملكة مفترضة سيؤول حكمها في الأخير لمرافقه  سانشو "مول لحمار".

الفارس لا يسعى أبدا أن يحكم. ينصح من هو أقل منه همة وركوبا. يتولاه بدروس الدعم حتى إذا تحقق الأمر.. انسحب...

ورثت أوروبا تقاليد الفروسية وحولتها إلى ممارسة ديمقراطية، فانتفى الخوف من حكم "الرعاع"، فجاء من الشعب من يحكم.

واختفت السلطة القادمة من البيوتات الكبرى. وسمحت قواميس اللغة، والتي كانت مخصوصة لصون "كلمات" الطبقة الحاكمة ومحيطها من النبلاء كناية أرضية وصورة من كلمات السماء القادمة من عند الله باستضافة كلمات عامية "رذيلة". فكان الاختلاط اللغوي ملطفا لقبول مثيله بين العليين والهُمَّج المتوحشين. وشيئا فشيئا اختفت "الكلمات النبيلة" وأصبحت القواميس محتضنة للغة الشعب. وصارت تصدر في طبعات خاصة قواميس للغة التي كانت يوما شاهدة على مجتمع قلة فيه من كان يسمح لها بالكلام.

السيدة زينب العدوي عامل عمالة آكادير إداوتنان والي جهة سوس ماسة درعة -وهي في الأصل قاضية حسابات- تعوزها الخبرة التاريخية والثقافة السياسية السليمة لتفهم كدح البشر للوصول إلى لحظة التمثيلية الديمقراطية.. إنها مدينة لهذه اللحظة الديمقراطية بامتياز حيث مفاهيم الجنوسة والمناصفة قوام دولة الحداثة. ولولاها لما حلمت يوما أن تكون ممثلة ترابية للملك في جهة سوس وعامل اقليم آكادير إداوتنان.

.. ومع ذلك فإن السيدة الأولى لسوس تريد أن تكنى بـ "كلادياتورة السياسة" و"كزينا لاكيريير" محاربة المنتخبين ومحتقرتهم. إنها سيدة قادمة من زمن البيوتات الكبرى. من زمن لا ديمقراطي زمن اللامؤسسات، حيث الخدمة العمومية لا توجه "لمول الحمار" وإنما للعائلة، للصهر "مول لموختبار".

قراء السوسيولوجي الألماني زيغمونت باومان Zygmunt Bauman سيجدون مثالا تطبيقيا لما كتبه في "الحداثة السائلة" يفسر تلك الجذبة الإشهارية التي قامت بها ممثلة الملك بآكادير وسوس لصالح صهرها الذي حاز مختبره  الطبي على "إيزو " الجودة.

 قال زيغمونت بومان، إن ما يتصوره الناس في الغالب الأعم أنه قضايا عامة إنما هو مشكلات خاصة لشخصيات عامة.. وكذلك فعلت السيدة زينب العدوي، حولت "إنجازا عائليا" إلى إنجاز عام سخرت له إمكانيات الدولة للتعريف به.

هل يليق بممثل الملك أن يتحول إلى "تريبورتور إشهاري" بثلاث عجلات يروج في شكل لا أخلاقي لمنجزات الصهر ولمختبره الطبي؟

هل يليق بممثل الملك أن يخصص يوما وطنيا للترويج في مختلف الوسائط الإعلامية (القنوات التلفزية العمومية) الجرائد، المواقع الإلكترونية لـ "منجزات الصهر" غير المسبوقة إفريقيا...؟

هل يليق بممثل الملك أن يوجه "مرضى الجهة" و"مرضى آكادير" نحو مختبر وحيد للتحليلات الطبية  هو مختبر الصهر نسيب الوالي/ العامل؟

هل يليق بممثل الملك أن يصحب معه في "تبلاح إعلامي" (لبلوح هي عملية تسمين الفتاة داخل المجتمع الصحراوي لتهيئها للزواج) السلطات العسكرية والأمنية للاحتفال بمختبر الصهر الطبي (الوحيد ) الذي حاز إيزو: إن - إم 15 -  ألف ؤُشي - حاجة؟

هل يليق بكبراء السلطة العسكرية والأمنية أن يتحولوا إلى "كورال إشهاري" إرضاء للسيدة زينب العدوي وصهرها؟

يوم 06 ماي من مساء الجمعة 2016 خرجت السيدة زينب العدوي عامل عمالة آكادير إداوتنان، والي جهة سوس ماسة، من مقر إقامتها domus procuratoris كما لو كانت حاكمة رومانية مفوضة متوجهة لفندق سوفيتيل مصحوبة بوفد عسكري – أمني، وآخر سياسي، ثم آخر طبي - فارماكوني (الكلمة الأثيرة لدى جاك ديريدا للقول التفكيكي في صيدلية أفلاطون) للاحتفال ولإشهار علني لا أخلاقي لمختبر صهرها الطبي.. ولحث جميع المواطنين على قصد "مختبر الدولة للتحليلات الطبية" دون غيره من المختبرات الكائنة بالمدينة.

السيدة زينب العدوي لها هواية وحيدة هي، ارتكاب الأخطاء الموجبة للعزل.. حتى عدي ؤبيهي، عامل تافيلالت الشهير، لم يكن ليرتكب مثل أخطاء السيدة زينب لعدوي.. على الأقل كان سيوقر السلطات الأمنية والعسكرية..

(يتبع...)