بالحكي الممتمع.. الإعلامي معنينو يواصل نبش "السنوات العجاف" المثمرة

بالحكي الممتمع.. الإعلامي معنينو يواصل نبش "السنوات العجاف" المثمرة الملك الراحل الحسن الثاني والإعلامي الصديق معنينو. وفي الإطار غلاف السلسلة

يواصل الصديق محمد الصديق معنينو، كتابة سلسلته الممتعة: أيام زمان، وذلك بإصداره للجزء الرابع بعنوان: "السنوات العجاف".

لقد كنت من المحظوظين عندما تسلمت نسخة مهداة بخط المؤلف، تتضمن عبارات مودة، وتربط بين صداقة والدي وصداقتنا التي يريدها المؤلف استمرارا قويا لعلاقات الأبوين اللذين ربطتهما صداقة العمر، وأنا بدوري أعتز بهذه الصداقة، وأعتز أكثر بشخص المؤلف الذي أبان عن قدرة كبيرة في الكتابة والتعبير عن خوالج نفسه، وعن المحيط الخاص الذي عاش فيه خلال المراحل المفصلية من مسيرته الزاخرة بالذكريات والأحداث والمواقف، التي تجعل من كتاباته شاهدا قويا على فترة هامة من تاريخ المغرب.

لا أخفي إعجابي بأسلوب الكتابة وباللغة اللذين حرر بهما الأستاذ محمد الصديق معنينو كتبه، ومن ضمنها كتابه الأخير. فقد تراكمت لديه خبرة عقود من العمل الصحافي، منحته قدرة فائقة على الكتابة، بدون تكلف وبأسلوب في متناول الجميع، وبقدرة على التوقف عند اللحظات واللقطات. إنك حين تقرأ له، تحس أنك تستمع لصوته، وأن الحروف تتحول إلى نبرات صوته المألوفة لدى عموم المغاربة، وتهمس لك في إذنك بكل رقة وصفاء. حين تقرأ له تستعرض صورته، بل صوره المتعددة، في العديد من المواقف، والمناسبات، والبرامج، وتستعرض معه، وهذا الأهم، لحظات من تاريخ اعتقدنا أنا عايناه وعايشناه عن قرب، فإذا بقربنا لا شيء أمام قرب معنينو الحاضر في قلب بعض الأحداث، والمعاين لبعض الخبايا وما يطبخ في الكواليس.

إن الإقبال الذي لقيته أجزاء الكتاب، يؤكد أهميته وتمكن الكاتب من مادته، ومن طريقة الكتابة، وصدقه مع نفسه، ورصده للأحداث التي تحدث عنها. ودليل ذلك إلحاح القراء على الطبعات التي نفذت من السوق، واضطراره إلى إعادة طبعها، ومنها الجزء الأول من هذه المذكرات، الذي يوجد اليوم في السوق مع هذا الجزء الرابع الذي وسمه المؤلف بالسنوات العجاف.

يسلط هذا الجزء أضواء من زوايا جانبية لم يتم التطرق إليها، ويكشف عن اسرار، وحتى عن تساؤلات همت بعض الأحداث الهامة، وهي تساؤلات من الذكاء، بحيث تقدم الفرضيات، ومشاريع الاستنتاجات، بدون أن تفرض على القارئ رأيا بعينه، وخاصة ما تعلق منها بالإشاعات والأخبار غير الموثقة. وفي هذا الجزء يعود بنا معنينو إلى فترة هامة جدا من تاريخ المغرب الراهن، وهي الفترة الواقعة بين سنتي 1982 و1988، فنعيش تفاصيل من الحياة السياسية، وما عرفه حقل الإعلام، وخاصة الإذاعة والتلفزة من تطورات، في لقطات مكبرة ومختارة بعناية تركز على الأهم فالأهم.

إننا أما ذاكرة غنية معززة بالوثائق المصورة والمكتوبة، وبسيل من الذكريات التي تسيل من خزان لا ينضب، وتعطي للدارسين مادة غاية في الأهمية، لرسم ملامح هذا التاريخ الذي قلما تحدث عنه من شاركوا في صنع أحداثه، أو عاينوها عن كثب.

وإذا كان المؤلف قد اختار لكتابه عنوان السنوات العجاف، فإن المضمون يخالف ذلك، لأنه حول السنوات العجاف، بما كتبه عنها إلى سنوات خصبة ومثمرة.

أدام الله على المؤلف نعم الصحة والعافية، ليمتعنا بالمزيد من المتعة والفائدة.

رئيس الجمعية المغربية للمؤرخين المغاربة