زاوي في إصدار جديد: "إلهام" تتمرد داخل "أحلام دافئة" وتحكي تجارب نساء مغربيات في الخليج

زاوي في إصدار جديد: "إلهام" تتمرد داخل "أحلام دافئة" وتحكي تجارب نساء مغربيات في الخليج عبد القادر زاوي وصورة غلاف روايته الأولى

بأسلوب سلس، يبدو من الوهلة الأولى أنه ميال إلى مدرسة الواقعية المتحررة، يتخلى عبد القادر زاوي عن جبته الدبلوماسية، التي عرفته خبيرا ضليعا في الشؤون العربية والإسلامية ليرتدي قبعة الروائي، كي يسرد في قالب درامي ويلقي الضوء على جانب إنساني محض من العلاقات المغربية الخليجية المتشعبة المجالات.

في هذه الرواية، الصادرة في 126 صفحة من الحجم المتوسط عن دار النشر المغربية بالدار البيضاء، يعالج الكاتب من خلال شخصية مركبة أسماها "إلهام" تجارب لنساء مغربيات في بلدان الخليج، مستعرضا الآمال التي تراود في البدء الذاهبين والذاهبات إلى هناك، محاولا تفكيك صور نمطية متبادلة بين الطرفين لخصها في معادلة (الحولي/ العجلة )، مبينا قدر المستطاع بأن هذه الصور النمطية غير صحيحة بالمرة، وأنها مجرد استثناء غدا معمما للأسف.

تبدو إلهام على قناعة من أن وظيفتها المتوسطة في شركة للدعاية والإعلان بالمغرب تسد لها الرمق فقط، ولن تسمح لها بتطوير مستواها ومستوى عائلتها المعيشي، كما أنها لا ترى في الزواج وسيلة للترقي الاجتماعي بقدر ما هو مصدر مشاكل هي في غنى عنها. ولذلك تستهويها فكرة الهجرة.

ولكن بخلاف توجهات الشباب الذكور، فإن إلهام كمعظم فتيات جيلها لا تبدي حماسة إلى الديار الأوروبية، لم تعد الجنة الموعودة هناك، وإنما هي تراها في المياه الدافئة بدول الخليج، حيث توجد الفرصة والمتعة. نماذج فتيات عديدات يجري الحديث عن نجاحهن هنالك تغريها أكثر.

لم يكن عسيرا عليها أن تدبر أمر عقد عمل. تمكنت من ذلك من خلال التردد على مقهى يرتاده كثيرا أهل الخليج الزائرين والدارسين للمغرب. مقهى يلخص طبيعة العلاقات الإنسانية والاجتماعية المغربية الخليجية إلى حد كبير. وبذلك استطاعت أن تطأ المياه الدافئة موظفة في شركة للدعاية والإعلان أيضا حيث أبدعت وطورت مهاراتها لتتبوأ منصب رئيسة قسم التصاميم، وتحظى بثقة رب العمل.

ورغم ذلك، ومع كثرة الأشغال وجسامة المسؤولية وتعود المعيشة في الديرة وزوال دهشة الانبهار الأولى بدأت تتلاشى الصور الوردية من ذهنها، ليحل محلها الاحتكاك بالواقع ومعطياته التي تقودها من حيث لا تدري ودون قصد منها من مشكلة لأخرى ومن صدمة لثانية أكبر منها، إذ تجد نفسها في أكثر من مناسبة مجرد فريسة جنسية، كل واحد يريد التهامها بطريقته.

وفي رحلة التعايش مع حقائق الواقع، وإصرارها على مقاومة الإكراهات والإغراءات التي تسعى للإيقاع بها تكتشف إلهام كم هي قاسية الحياة وحيدة في مجتمعات لديها تصورات متنافرة عن المرأة وعن عديد من المفاهيم التي تتقاذفها بين ادعاء الفضيلة ومحاولة الاختباء عند ممارسة الرذيلة.

كان لا بد وأن ترفض الإذعان، وأن تثور لكرامتها، هي إنسان من لحم ودم وأحاسيس ومشاعر، وليست دمية جنسية يشتهيها أي كان ليقضي وطرا منها. سافرت إلى المياه الدافئة تبحث عن تطوير مستواها المعيشي، وإن أمكن لقاء نصيب الحلال، وليس لمجاراة نزوات هذا وترهات ذلك.

أحلام دافئة، رواية مثيرة، آسرة تسلط الضوء بين ثناياها وفي تتبع مسار بطلتها على عديد الممارسات البيروقراطية المشينة، تفضح لوبيات الاستجداء أصحاب رحلة الشتاء والصيف في الخليج، توظف العديد من المأثورات الشفوية الشعبية التي ينتصر فيها الكاتب لوجدة مسقط رأسه.

إنها إضافة نوعية للمكتبة الروائية المغربية أنصح بقراءتها والتفكير في معالجة درامية سنيمائية أو تلفزية لواقائعها.