مراجع قلما يجود الزمن المعرفي بمثلها.. كتاب عن الأنثروبولوجيا للباحث حسن رشيق نموذجا

مراجع قلما يجود الزمن المعرفي بمثلها.. كتاب عن الأنثروبولوجيا للباحث حسن رشيق نموذجا الباحث حسن رشيق وصورة غلاف مؤلفه

قد يكون من المفيد التذكير، بين الحين والآخر، بكتب أحدثت ثورة في مجال تخصص مؤلفيها، وأثبتت السنين الموالية لنشرها مدى الأهمية التي حظي بها ما جاء بين دفتيها. وحتما لا يجد أي متتبع للبحث الأنثروبولوجي حرجا في إعلاء كتاب "القريب والبعيد.. مائة عام من الأنتروبولوجيا في المغرب" لمؤلفه الدكتور حسن رشيق، قائمة  تلك الإنتاجات المعرفية، ليس على الصعيد الوطني فحسب، بل العربي أيضا.

وكما يلاحظ، فإن قيمة المؤلَّف تستمد وزن زخمها من وزن رشيق كرجل ميدان بامتياز، وشهرة أبحاثه بالدقة والتمحيص، من منطلق تحليلاته التي تفكك الواقع بمهنية مدروسة، وعبر آليات الزيارات الميدانية التي قد تمتد لسنوات دون أي كلل في سبيل الانتهاء إلى ما هو قيم إلى أن يستحق ميزة المرجع.

وفي هذا السياق، أمضى حسن رشيق حوالي عشر سنوات في خدمة البحث الأنثروبولوجي ما بين 1983 و1993 متنقلا بين قبائل الأطلس الكبير وشعابه الوعرة، باحثا عن خصوصيات الحياة القبلية، مستقرئا لسلوكيات أفراده من طقوس ومعتقدات رمزية معقدة، تكاد تكون على درجة عالية من التركيب يشهد على تصادم بنيتين مختلفتين.

وهو الأمر الذي منحه كامل المصداقية في أن تكون وجهات نظره مضبوطة، وجامعة ما بين القضايا النظرية والمنهجية في مواضيع تتجاذب إيقاع مغرب الزمن الراهن وصعوبات التحول داخل البادية المغربية في خضم قرن من الزمان امتد من 1880 إلى 1980.

وعلى هذا الأساس وصف الكتاب، المشار إليه، بأنه رحلة مونوغرافية في تاريخ مسار البحث الأنثروبولوجي بالمغرب منذ بداية تبلور الانشغالات المعرفية الأولى مع الأبحاث الإثنوغرافية الفرنسية المبكرة لكل من "أوغست مولييراس" و"شارل دوفوكو"، عبورا بمرحلة المأسسة العلمية مع بداية القرن الماضي في إطار البعثة العلمية لكل من "ميشو بليير" و"ادموند دوتي"، انتهاء بلحظة دخول الباحثين الأنجلوساكسونيين على الخط زمن الاستقلال مع كل من "واتربوري" و"هارت" و"جاموس" وغيرهم.

لكل ذلك، اعتبر النقاد بأن هذا المؤلف "القريب والبعيد.. مائة عام من الأنتروبولوجيا في المغرب"، من الدراسات التي قلما يجود بها الزمن المعرفي، ولا يمكن للباحثين في الأنثروبولوجيا والنقد الثقافي، وغير ذلك من الفروع والتخصصات المعرفية الاستغناء عنه، علاوة على أنه من الكتب الداعمة لما يصطلح عليه بالبنى التحتية في دنيا البحث الفاتنة ضمن العلوم الاجتماعية.