ما هي عواقب فرض الضرائب بالمغرب على  عمالقة الانترنيت الأمريكيين؟

ما هي عواقب فرض الضرائب بالمغرب على  عمالقة الانترنيت الأمريكيين؟ المديرية العامة للضرائب

تفكر الدول الأوروبية، في الآونة الأخيرة، في فرض ضرائب على رواد الفضاء الرقمي المعروفين تحت تسمية غفام  GAVAM(جوجل، وأبل، وفايسبوك، الأمازون، ميكروسوفت) مما يتطلب رفع تحدي إمكانية تحديد ومراقبة لجميع المعاملات الرقمية والتشفيرية، وهذا سيتطلب تحديثا تكنولوجيا للحكومات لمراقبة ورصد جميع أنشطة التكنولوجيا عن كثب.

المغرب بدوره لا يمكن له فرض الضرائب الرقمية  دون النظر إلى غفا على أنهم شركاء حقيقيين، ذلك لأن لديهم معلومات ذات صلة عن مستخدميها (البيانات الشخصية والخلفية الأكاديمية والمهنية والاتجاهات والأفضليات والتاريخ الشخصي، الحرف والهوايات، وما إلى ذلك..). ونتيجة لذلك، فإن أي انتقال رقمي لا يمكن أن يعمل بفعالية من دون عضوية "غفام"، يوضح لـ"الوطن الآن"، هشام الصقلي، مستشار في الاستراتيجية الرقمية، وذلك لأنها تتمتع بميزة تنافسية كبيرة، مما يترجم إلى فهم أفضل لسلوك العملاء.

من جهته يرى خالد بادو، رئيس الجمعية المغربية للتسويق والتواصل، أنه من الصعب تحديد مجموع الاستثمارات في شراء الإعلانات على المواقع الرقمية، حيث يُقدر مجموعها ب450 مليون درهم. ويذهب جزء كبير من هذا الاستثمار(في المتوسط ​​60 في المائة) إلى المنصات الأجنبية، والمعروفة تحت تسمية "غفام" (جوجل وأبل والفيسبوك وأمازون ومايكروسوفت).

ورغم النمو المضطرد لحصة الهاتف النقال والمواقع الرقمية بشكل عام في مجموع الإعلانات، فإن غياب منصات مغربية قادرة على استقطاب جمهور محلي كبير لتنافس "غفام"، ستجعل غالبية الاستثمارات الرقمية تذهب إلى الخارج.

إن فكرة وضع حواجز قانونية أو ضريبية لخفض وتيرة الاستثمار الإشهاري في مواقع "غفام" لن تحل المشكلة، يقول خالد بادو، لأن المعلنين الكبار لديهم القدرة على الشراء من الفيسبوك أو جوجل من خلال الشركات الأم أو الشركات التابعة لها في الخارج، وبأسعار أكثر تنافسية. مع العلم أن هذه الشركات تؤدي ضريبة 11 في المائة على أداءاتها للخارج لصالح مكتب الصرف. مثل هذه الإجراءات سيكون لها خصوصا أثر سلبي على أداء العديد من الشركات الصغيرة المغربية التي تعزز مبيعاتها بفضل الإعلانات منخفضة التكلفة على هذه الشبكات الاجتماعية.

 

إذا تمعنا النظر إلى التجربة الرقمية المغربية إشارة إلى الخطة الرقمية المغربية لعام 2013، نجد هناك العديد من الاختلالات، وذلك على عدة مستويات (الحكامة والاستراتيجية والنهج والتنفيذ والموارد البشرية).

بالمقارنة مع التصنيف العالمي "للمؤشرات الرقمية" عام 2014، فإن المغرب ليس في وضع يحسد عليه، حيث يحتل البلد الرتبة 82 فيما يتعلق بمؤشر "الحكومة الإلكترونية" الشامل للأمم المتحدة. أما من حيث البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، فإن المملكة في الرتبة 93. وهناك مؤشر آخر أكثر أهمية هو مؤشر الموارد البشرية  بحيث يحتل المغرب الرتبة 153، وهو ما بين العجز الصارخ في تكوين موظفي الخدمة المدنية وحتى العاملين في بعض المؤسسات العامة وشبه العامة.

إضافة إلى هذا ستضطر الشركات المحلية إلى رفع مستوى الابتكار من خلال خلق فضاء اجتماعي مخصص لأنشطتها ولمختبر الأبحاث على الانترنيت، لبناء محفظة "مستخدمين" خارج شبكة غافام (غوغل، أبل، فايسبوك، والأمازون).

لذا من الضروري دعم المنظومة الرقمية المغربية، وخاصة المقاولات التكنولوجية الصغيرة والمواقع الإلكترونية، وذلك للبحث عن التنويع والنجاح في تطوير منصات قوية على الشبكة العنكبوتية، وذلك لزيادة حصتها في الاستثمارات الإشهارية المخصصة للإنترنت.

التحول الرقمي  أصبح عملية لا رجعة فيها، والمغرب أصبح يدرك جيدا الإمكانيات التي يوفر لها النمو الاقتصادي، والذي يساهم فيه بشكل جلي الرباعي الأمريكي عبر التكنولوجيا الجديدة. وفي المغرب، يبدو أن تطور العادات الاستهلاكية يعزز هذا التوجه، ويتجلى ذلك في النمو القوي للتجارة الإلكترونية، إذ وصل إلى 2 مليار درهم بين يناير وشتنبر 2017  مقابل 1.8 مليار درهم في العام السابق. وبلغ حجم المعاملات التجارية عبر الانترنيت 1.3 مليار درهم في النصف الأول من عام 2017، بزيادة قدرها 52.3 في المائة، هاته الأرقام تحث الحكومة على ركوب هذه الموجة مما يؤكد بوضوح أهمية وجود سياسة دقيقة تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الحقيقية للمملكة من أجل الاستفادة من الفوائد العرضية للتطور الرقمي على القطاعات الإنتاجية.

ومن هنا جاء قرار إنشاء وكالة التي عقدت أول مجلس إدارتها في شهر دجنبر2017 (تم نشر المرسوم الذي ينفذ القانون المتعلق بهذه الوكالة في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 دجنبر2017) وخصص هذا الاجتماع أساسا لتركيب موظفيها الإداريين، فضلا عن عرض خارطة الطريق. ويخطط لهذه الوكالة أن تكون الذراع الإستراتيجي للدولة لتنفيذ خطة المغرب الرقمية 2020.

كل هذه الأرقام والتطلعات تشير إلى بزوغ مجموعة من التحديات تجبرنا على مواكبة هذه الثورة الرقمية التي تشمل مجموعة من القطاعات الحيوية بحزم وثبات لذلك يلزم تجنيد جميع الفعاليات لإنجاح هذه المعركة المصيرية.