فرنسا تطلق "الفرشي" على الملك محمد السادس والمغاربة سئموا أسطوانة الإعلام الفرنسي وانبطاح الخونة

فرنسا تطلق "الفرشي" على الملك محمد السادس والمغاربة سئموا أسطوانة الإعلام الفرنسي وانبطاح الخونة

هل تمكن "محترفو المسدسات" و"مطاردو المكافآت" الذين سخرتهم "فرانس 3" لدعم فضيحتها الوثائقية " الملك محمد السادس: الحكم السري" من رج أركان الحكم في المغرب، كما روجت القناة الفرنسية إلى ذلك، قبل عرض الشريط، بغير قليل من الرعونة الأخلاقية والإعلامية؟

لم يقع أي شيء، لأن الطلقات رغم انتفاخ أوداج أصحابها و"كشكشتهم" كانت مجرد "رصاص أبيض" (الفرشي). حيث تعود المغاربة على تلك الوجوه التي تقدم صورتهم للآخر وكأنهم يعيشون داخل "مجزرة مفتوحة"، كل واحد يحمل مدية أو سيفا أو منشارا، ليؤذي الآخرين بدون مناسبة. فالمغرب، كما يروج له هؤلاء، ليس سوى محمية كبرى للفساد والمفسدين، وليس سوى خزانة ممتلئة بالذهب ينهبه كل من هب ودب، وأنهم "مناضلون فوق العادة" لأنهم فضحوا الفساد، وأن أعمالهم تتعرض للمضايقة، وأنهم ضحايا المخزن.. إلخ. فمن يصدق هذا الكلام؟ ألم يقل الشاعر: "إذا أتتك مذمتي من ناقص/ فتلك الشهادة بأنني كامل !؟". والناقص في معرض هذا الكلام هو: أولا: القناة الفرنسية، لأنه لم يعد هناك مجالا للشك بأن بعض الصحافيين يمتهنون الابتزاز، ولا يتورعون في ابتزاز قادة الدول، بحثا عن الإثراء السريع، ولعل في حادثة إيريك لوران وكاترين غراسيي خير دليل على هذا المنحى السافل والمنحط. وهما معا صحافيان فرنسيان يتوفران على تاريخ عريق في الابتزاز، كما تبين فيما بعد من خلال الكتب التي قاما بتأليفها. أما الناقص الثاني: فهم الضيوف الذين انساقوا لأحقادهم الخاصة بغاية الانتقام من بلاد بطولها وعرضها. ماذا يمكن أن ننتظر من ضابط يحلم بإحراق الجميع بعد التشطيب عليه من الجيش في سياق يعلم الجميع تفاصيله؟ ماذا ننتظر من ملاكم متورط في قضايا نصب وابتزاز بعد انفضاح أمره وخيبة أمله في أن يصبح من المقربين للقصر؟ ماذا ننتظر من رجل أعمال يدور كما تدور "عقارب الوقت" نحو الجهة التي يشعر بأنها ستحميه؛ فهو تارة يساري حتى النخاع، وإسلامي حتى الجلباب، وفبرايري حتى الملكية البرلمانية.. والحال أنه يقود مجموعة اقتصادية ضخمة، ولا يوازيها في الضخامة سوى حنكه المتورم والكبير. فإذا كان الفساد فسادا، فهل يوفر هذا المقاول الكبير على الملح اللازم لإنقاذ مجموعته الكبيرة؟

غير أن السؤال الذي يردد المتتبعون يبقى: لماذا تتم الاستعانة دائما بهؤلاء "المغاربة" كلما أرادت جهة، في الهند أو السند، النيل من المغرب؟ لماذا يعربون دائما عن استعدادهم للملاكمة "المؤدى عنها" كلما حاولت جهة ما الضغط على المغرب وحكامه وشعبه؟ لماذا تأوي فرنسا هؤلاء؟ ولماذا تخرجهم من قبعتها كلما شعرت بأن مصالحها في المغرب تحت المحك؟ بماذا تشعر فرنسا الآن وقد أطلقت رصاصة على سمعتها الإعلامية التي توجد، أصلا، على المحك؟

بُث "الشريط الوثائقي" ولم يقع شيء في المغرب. لم تخرج مظاهرات، ولم تنظم المسيرات. بل قدم هذا الشريط البرهان، لمن يحتاج إلى ذلك، على سقوط بعض الإعلام الفرنسي مهنيا وأخلاقيا. لم يقدم البرنامج جديدا. الوجوه نفسها. الأسطوانة نفسها. الحقد نفسه. الكلام المجتر نفسه. تحدثوا عن الملكية. عن الهيمنة الاقتصادية. عن الملك الذي يسود ولا يحكم. عن التفاوت الاجتماعي والاقتصادي. عن التضييق على الصحافة والحريات.. وماذا بعد؟ أمام المغرب والمغاربة مسافة الألف ميل لتحقيق الإصلاح، وهم الآن يتقدمون نحوه بتدرج، لكن بثبات. أما الضجيج والابتزاز فلن يجديا نفعا..