عرضت القناة الفرنسية الثالثة، أمس الخميس 26 ماي 2016، برنامجها الخاص حول ملك المغرب بعد أن سبقته حملة إعلامية "مخدومة"، كما لو أنه سيسجل فتحا إعلاميا غير مسبوق في معالجة الأوضاع في المغرب الراهن، وفي الكشف عن سر الأسرار.. والحال أن هذا البرنامج "مثقوب" مهنيا وأخلاقيا في الشكل والمضمون على حد سواء. وفي صدارة هذه الثقوب اعتماد فريق الإعداد على الصحافية كاترين غراسيي كمستشارة وضعت "خبرتها الميدانية بخصوص المغرب"، و"سجل عناوينها" بالمغرب في خدمة هذا الفريق.
الأنكى من ذلك أن غراسيي تؤكد في معرض البرنامج أنها تورطت بالفعل في واقعة ابتزاز ملك المغرب في غشت الماضي بعدما تم ضبطها متلبسة رفقة زميلها إيريك لورون، وهي تجالس محامي الطرف المغربي من أجل التفاوض حول مليوني أورو كابتزاز مقابل التنازل عن نشر الكتاب الذي يدعي اقتراف فضح المؤسسة الملكية! ومعلوم أن السلطات الأمنية الفرنسية كانت قد ضبطتها في الحين في حالة تلبس بعد أن تسلمت تسبيقا هي وزميلها بقيمة 80 ألف أورو لكل واحد، وأحالتها على المحكمة التي أثبتت إدانتها في الحين.
والسؤال الأول المطروح:
- هل يصح مهنيا وأخلاقيا أن تسند مهمة الاستشارة في موضوع عن المغرب لصحافية مدانة في ملف قضائي يتعلق بابتزاز المغرب، وبخيانة رسالة الصحافة، وبالإساءة للجسم الإعلامي الفرنسي برمته، علما أنها اعترفت في البرنامج ذاته بأنها كانت قد استسلمت، في نازلة ابتزاز المغرب، لغواية المال؟
أما السؤال الثاني:
- ما الذي يدفع القناة الفرنسية الثالثة إلى اعتماد غراسيي وشهادتها المطعون فيها مهنيا وأخلاقيا، خارج منطقة الحياد المفترض أن تتوفر في الصحافي المستشار؟
ليس هناك من إمكانية الجواب على هذين السؤالين سوى التأكيد على حقيقتين:
المنزلق الفضائحي الذي تهاوت إليه الصحافة الفرنسية، والتي يفخر بعض المنتسبين إليها بأن الابتزاز صار أصلا تجاريا لمعالجة قضايا الإعلام في فرنسا والعالم. وتأكيد انخراط قطاع من الإعلاميين في آثار "الجريمة الصحفية المنظمة" بدوافع ليس المال أبرزها، ولكن كذلك خدمة أجندة جهات فرنسية لا تزال تحن إلى الزمن الاستعماري الذي يزعجه أن مغربا ناهضا يبني نموذجه التنموي بهدوء، وذلك بمؤازرة جهات أخرى تتقاضى المال من تحت الطاولة من طرف أعداء المغرب.
لأجل ذلك صدر البرنامج في تلك القناة المذكورة بتلك الصورة المعطوبة، ولأجل ذلك يقال دائما "إذا ظهر السبب بطل العجب"!