صافي الدين البدالي: الفساد يدخل 2018 بحلة جديدة والحكومة وفرت له كافة مظاهر التطبيع

صافي الدين البدالي: الفساد يدخل 2018 بحلة جديدة والحكومة وفرت له كافة مظاهر التطبيع صافي الدين البدالي

ودعتنا  سنة 2017 مخلفة وراءها مجتمعا يئن تحت وطأة  الفقر والتخلف وبين كماشة الفساد ونهب المال العام. إنه لم يتم القطع مع هذه المظاهر، مظاهر الفساد ونهب المال العام، التي تسببت في خروج الآلاف من المواطنين والمواطنات في عدة وقفات ومسيرات من أجل الحرية والكرامة والمطالبة برحيل المسئولين من وزراء وبرلمانيين ومنتخبين.

لم تستطع الحكومة خلال هذه السنة التي ودعتنا محاسبة المفسدين وناهبي المال العام والثروات الطبيعية والاستيلاء على أراضي الجموع وأراضي الملك العام، بالمدن وبالقرى، بالشواطئ والأنهار، ومعاقبتهم والحجز على ممتلكاتهم وإرجاع الأموال المنهوبة والأموال المهربة إلى خزينة الدولة. لم تستطع الحكومة في هذه السنة أن توقف النزيف الذي يعرفه الاقتصاد الوطني بفعل التهرب الضريبي والغش والرشوة والتلاعب في أموال الدولة واقتصاد الريع  واتساع دائرة القطاع غير المهيكل.

لم تستطع الحكومة خلال سنة 2017 مأسسة آليات مكافحة الفساد والرشوة والمحاسبة وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما لم تستطع متابعة المجرمين الاقتصاديين والمتاجرين في البشرية وفي التراب الوطني.

لقد انتقل الفساد ونهب المال العام إلى سنة 2018 في حلة جديدة، وفرتها لهما الحكومة الحالية من خلال التطبيع مع مظاهرهما، بتوفير الحماية لناهبي المال والمفسدين بترسيمهم على رأس جماعات محلية ومجالس جهوية ومقاعد برلمانية.

لم تعتبر الحكومة المتابعات القضائية لمنتخبين لتورطهم في جرائم مالية، ولم تعتبر احتجاجات المجتمع المدني الذي ظل يطالب برحيلهم ومعاقبتهم، وكأن في أذنيها وقر، ولم تسمع شيئا، أو على عينيها غشاوة، وكأنها لم تر شيئا.

لقد دخلت علينا سنة 2018 حاملة معها مصائب الفساد ومخلفاته على حياتنا الاجتماعية والنفسية، نتيجة سياسة الحكومة التي تسعى إلى التخلص من مجانية التعليم، كحق من حقوق الشعب، لتحرم بذلك 60,5 بالمائة من الأسر المغربية المعوزة ومنها 11,7 بالمائة تعيش تحت عتبة الفقر من تعليم أبنائها، وذلك لتكريس تعليم طبقي ونخبوي بامتياز. وإن مرد هذه الظروف هو نهب وتبديد ميزانية القطاعات الاجتماعية بدون مساءلة ولا محاسبة، حتى أصاب قطاع التعليم إفلاس حقيقي أثر سلبا على المردودية وعلى الاستقرار التربوي والبيدغاجوي، وعلى تطور العملية التعليمية/التعلمية.

لقد سعت الحكومة إلى التخلص من مجانية التعليم، بعد أن تخلصت من مجانية التطبيب، لتترك أغلبية الأسر المغربية أمام مصحات خصوصية لا ترحم، وأمام مستشفيات عمومية لم تعد صالحة إلا للوفاة.

دخلت علينا سنة 2018 تحمل معها فاتورات حارقة لأسعار المحروقات التي تتسبب في ارتفاع للمواد الأساسية، بعد أن قررت الحكومة عدم محاسبة لوبيات المحروقات أو القيام بافتحاص دقيق للقيمة الحقيقية لسعر المحروقات.

إن الاستمرار في سياسة التطبيع مع الفساد وتبديد أموال الدولة، لا يخدم مصلحة المواطنين، وإن الاستمرار في  محاباة الباطرونا التي أصبحت تبحث عن الربح ولو على حساب حياة المواطن، مجازفة خطيرة بالاستقرار الاجتماعي. قد تكون سنة 2018 أسوأ من أخواتها للظروف الاجتماعية التي أصبح يعيشها المغرب جراء سوء تقدير المطالب الشعبية، بدءا من الحسيمة إلى زاكورة إلى جرادة، والبقية تأتي.

لقد جعلتني الحقائق المعيشة على عدة مستويات أن أكون متشائما، رغم أن رفيقتي حكيمة الشاوي في الكتابة الوطنية قالت لي بمناسبة تقييمي الوضع في الخليج "شيئا من التفاؤل رفيقي"، وكان جوابي إن الواقع العنيد لم يسمح لي بذلك. ومع كل هذا فإني أتمنى للشعب المغربي سنة انتصار على الفساد والمفسدين وناهبي المال العام وعلى الرشوة. وإنها أحسن هدية أتقدم بها بمناسبة هذه السنة المخيفة.

- صافي الدين البدالي، محلل سياسي، فاعل حقوقي وقيادي بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي