العثماني «يبزنس» في مغاربة العالم!

العثماني «يبزنس» في مغاربة العالم! عبد الرحيم أريري

رغب شاب في الزواج من فتاة جميلة جدا، وكلف والده بالذهاب إلى منزل الفتاة لخطبتها فيما ظل الابن ينتظر على أحر من الجمر عودة الأب ليزف له الخبر اليقين. ولما عاد والده قال له ابنه: «آش كاين الوالد، تعطلتي بزاف». فرد عليه والده الذي أغرم بالفتاة قائلا: "غير اصبر يا ولدي، راهم بزز باش قبلوا يزوجو البنت لي".

هذه النكتة التي نسجها الخيال الشعبي تنطبق بامتياز على الحزب الحاكم بالمغرب. إذ منذ أن كان حزب العدالة والتنمية في المعارضة وهو «يفرع لينا الراس» بالمهاجرين وبمغاربة العالم، لدرجة أن المرء توهم أنه بمجرد وصول حزب المصباح للحكومة ستنساب القوانين والميزانيات كالشلال على وضعية مغاربة العالم. لكن حصل للمغاربة ما حصل للشاب مع والده، حيث ما أن استتب الأمر لحزب العدالة والتنمية حتى «سبق راسو» على باقي المغاربة. وإليكم الحجة:

الحكومة التي يقودها الحزب الأغلبي تمنح لحزب العدالة والتنمية 90 مليون درهم كدعم من الخزينة العامة، علما أن الذين صوتوا على الأصوليين لم يتجاوز مليون ونصف المليون ناخب، أي ما يمثل 5,7 في المائة من الكتلة الناخبة بالمغرب، في حين لم يرصد حزب العدالة لمغاربة المهجر سوى 49 مليون درهم لتدبير شؤونهم، علما أن المهاجرين المغاربة يقارب عددهم 5 ملايين فرد (أي ما يمثل 15 في المائة من سكان البلاد).

ليس هذا فحسب، فرئيس الحكومة السابق بنكيران والحالي العثماني التزما بمجموعة من النقط لفائدة مغاربة العالم، لكن للأسف انصرمت ولاية بنكيران دون أن ينقذ شيء، وها هي ولاية العثماني «باين النهار الزين ديالها من الصباح»، حيث لا يظهر في الأفق ما يشي بأن حكومة العثماني جادة في الوفاء بالتزاماتها لخدمة قضايا مغاربة العالم. بدليل أن الحكومة مشكلة من أغلبية، وهذه الأغلبية لها ميثاق يوحدها. لكن حزب العثماني تحايل وقدم مقترح قانون مجلس الجالية ليس حبا في المهاجرين المغاربة، بل ليتمطط ويتمدد انتخابيا في صفوف المهاجرين.

بينما كان المنطق -حسب أخلاق السياسة وأخلاق ميثاق الأغلبية- أن يتم تقديم مشروع قانون باسم الحكومة وليس مقترحا باسم الحزب الأصولي. فمغاربة العالم يواجهون مدا من العنصرية والإسلاموفوبيا وتداعيات الأزمة الاقتصادية والإرهاب، وعوض أن يساهم رئيس الحكومة في تخفيف محنتهم ومؤازرتهم، إذا به «يبزنس» بهم سياسيا وانتخابيا.

فهناك أرقام مفجعة كان لزاما على رئيس الحكومة أن يضعها على رأس الأجندة العمومية. فالمغاربة المهاجرين منتشرين في 108 دولة، لكن الحضور البارز لمغاربة العالم يتجلى في 58 دولة. وللأسف لا يتوفر المغرب سوى على 18 اتفاقية تؤطر حقوق ومصالح 5 ملايين مغربي بالعالم.

والأفظع أن أربع اتفاقيات من أصل 18 مجمدة مع الدول المبرمة معها، والاتفاقيات 14 الأخرى هي اتفاقيات وقعت منذ زمن بعيد ولم تعد تساير المستجدات في الظاهرة الهجروية ولا تخدم المصالح الجديدة للمهاجرين وأبنائهم اليوم.

خذوا مثالا واحدا، وهو الجارة الإسبانية التي يوجد بها 800 ألف مغربي. فهؤلاء يعيشون جحيما لا يطاق مع سلطات مدريد التي «تمرمد» المغاربة مثل العبيد. فالمغاربة بإسبانيا مطالبون بإعادة اجتياز امتحان "البيرمي"، علما أن الآلاف منهم لا يحسنون اللغة الإسبانية، فيحرمون من الشغل كسائقين مهنيين أو يشتغلون في «النوار» بأجر زهيد. كما أن مغاربة إسبانيا يواجهون مشاكل التصديق على الوثائق بإلزامهم إخضاعها للتصديق في وزارة الخارجية، مع ما يمثله ذلك من إكراه زمني ومالي. أضف إلى ذلك أن الآلاف من المغاربة الموسميين لا يستفيدون من تعويض البطالة رغم أنهم يساهمون -عبر الاقتطاعات- في تمويل الصندوق الإسباني. وهذه العذابات ما كان لها أن تكون لو كانت لنا حكومة «عندها الكبدة على المغاربة» وبادرت إلى توقيع اتفاقيات ثنائية مع اسبانيا مثلما فعلت دول أخرى لفائدة مواطنيها.

لكن كيف نطلب من سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، الانتباه لمغاربة العالم وهو لم ينتبه حتى لمغاربة الداخل، كيف نتطلع إلى هذا المبتغى ولسان حال رئيس حكومتنا بقول: "بزز باش رضعت أنا والحزب ديالي من البزولة"!!!