فرنسا "دولة الحقوق" على صفيح غليان التخريب والقمع والاعتقال

فرنسا "دولة الحقوق" على صفيح غليان التخريب والقمع والاعتقال

زراويط، وضرب، وغازات مسيلة للدموع. هي بعض الوسائل التي لجأت إليها الشرطة لتفرقة المتظاهرين وثنيهم عما سلكوه من تخريب وتكسير ونداءات منددة بموقف السلطات من وضعية العمال والشعب ككل.

الأمر لا يتعلق بالمغرب، ولكن بمدن فرنسية توزعت ما بين العاصمة باريس ومونبولييه وتولوز ونانت طيلة الأسابيع القليلة الماضية والمستمرة إلى اليوم. يبقى فقط كون التغطية الإعلامية لبلد الأنوار لم تكن بالقدر الذي توليه للأحداث التي تعرفها بلادنا وإن كانت طبيعية، كما هو حال ما جرى ببني ملال وفاس وكيف ركبت عليه  لنعت المغرب بما ليس فيه، بل واتهامه بالتقصير في مجال حقوق الأقليات والسعي إلى إبادتها.

لكن كل من لم يأته خبر ما يدور في وطن فرانسوا هولاند، أن يعلم بأن المآت من المتظاهرين، وبالموازاة مع المقابلة التلفزيونية التي أجراها الأخير، تجمعوا في ساحة تروكاديرو لقصد التوجه إلى قصر الرئاسة قبل أن تقمعهم قوات الأمن. التعامل ذاته كان في وجه مهاجمي رئيس الوزراء مانويل فالس بضواحي باريس، ورئيس هيئة أرباب العمل بيار غاتاز في جنوب تولوز، مما رفع من ضغط المحتجين وأسفر عن تكسيرهم لزجاج واجهات المحلات والسيارات والحافلات وكل ما وجدوه في طريقهم، حتى أن صناديق القمامة لم تسلم من الحرق والعبث. والأكثر من ذلك أن آلاف الغاضبين قرروا تسمية حركتهم بـ "نمضي الليل ساهرين"، في إشارة إلى أن "السيل بلغ الزبى" ولم تعد معه إمكانية لغمضة عين إلى أن تتحقق مطالبهم، فكانت الحصيلة إصابة العشرات من رجال الشرطة ومثلهم من المتظاهرين بصرف النظر عن عدد المعتقلين.

هي إذن أحداث أتت لتؤكد على أن لا بلد بمنأى عن مواقف الاصطدام، وبدل ضياع الوقت والجهد في الانكباب على ما يقع خارج الحدود للنفخ فيه لغاية لعب دور "الأستذة الحقوقية"، ينبغي الاقتصار على ما هو محلي من غليان، وبالتالي إن كانت من انتقادات أو دروس يراد توجيهها فلتكن من الداخل وللداخل، أما البعيد فأهله كفيلون به.