تجدد المناوشات بين الساكنة ومهاجري جنوب الصحراء بمحيط محطة أولاد زيان بعد ليلة التخريب

تجدد المناوشات بين الساكنة ومهاجري جنوب الصحراء بمحيط محطة أولاد زيان بعد ليلة التخريب تدخلات الأمن لتهدئة الأوضاع

مع إشراقة شمس يوم السبت 25 نونبر 2017، بدأت تتضح معالم فضاء بكار الرياضي بتراب مقاطعة مرس السلطان المقابل لمحطة اولاد زيان بالدار البيضاء. على جنباته الأربع المحاطة بسياج حديدي عالي، تمت تغطيته بما رث من قطع ثوب وأغطية بالية، وفِي الوقت الذي كان جزء كبير من أفارقة جنوب الصحراء مستغرقين في نوم عميق بعد أحداث المواجهات التي عرفتها المنطقة ليلة أمس الجمعة، كان العشرات منهم يستعدون لمغادرة الفضاء نحو الأحياء التي يمارسون فيها التسول..

بدأ الحضور الأمني الذي طوَّق الملعب يخف قليلا، وتم السماح لهم بالخروج عبر الباب الوحيد للفضاء الرياضي الذي يفتقد لأي بنية تحتية تتعلق أساسا بالمراحض وقنوات الصرف الصحي، تحولت معه جانب منه الى فضاء مفتوح لقضاء حاجات أزيد من 800 مهاجر سري تتراوح أعمارهم بين العشرينيات والأربعينيات، اتخذوا من الأرض فراشا ومن السماء لحافا، قطع كرتون متعددة الأحجام مبعثرة بشكل غير منظم تم التوافق على أساس انها مخصصة لهذا وذاك او لهذه المجموعة أو تلك حسب الدولة الأصل او حسب الديانة..

"الوضع تحت السيطرة، واستطعنا تطويق الفضاء دون أن تتطور الأمور لمواجهات بين هؤلاء المهاجرين والساكنة، يقول مصدر أمني، مضيفا في لقاء مع "أنفاس بريس"، لايمكننا تحويل هذا الفضاء لاحتجاز المهاجرين الأفارقة، والقوانين تضمن لهم حرية التنقل وفق الضوابط، بالمقابل نحن نتجاوب مع شكايات الساكنة، ولايمكننا أن نتغاضى عن اي طلب تدخل لفض أي نزاع".

خارج ملعب بكار الرياضي، الذي كان مخصصا لكرتي اليد والقدم، كان أكثر من 12 شخصا افريقيا يتحلقون حول محل لبيع "المسمن والحرشة وأتاي"، كل واحد يمد دراهم معدودة لصاحب المحل، ويعود للملعب، فيما كانت نظرات بعض شباب الحي تراقبهم من بعيد، فيما كان بعض الشيب يسترجعون احداث الأمس وهم يجلسون قرب المسجد القريب..

وعاينت جريدة "أنفاس بريس"، وجود عدد من قنينات الغاز بحجابها الكبير والصغير، التي يتم استغلالها لطبخ الطعام، مما يشكل خطورة محتملة في ظل غياب شروط السلامة، ورغم أن عمال النظافة يقومون بجمع النفايات من داخل الفضاء، فإن وجود المئات من اللاجئين يحول ركنا منهم إلى كومة أزبال، ورغم أن ظلال حادث الأمس هو رئيسي في محادثاتهم، فإن بعضهم فضل ممارسة كرة القدم بقنينة بلاستيكية..

على بعد أمتار من مكان نشوب الحريق، تجمع نسوة العمارات المجاورة، يستنكرون جفاء المهاجرين الأفارقة، وكيف أنهم "نكروا الخير"، وتقول إحدى النسوة لميكروفون "أنفاس تيفي"، إن سبب الحادث هو تحرش احد المهاجرين بابنتها، وهو ما تكرر غير ما مرة، وبعد تنبيهه من قبل ابنها الأكبر تطور الأمر لمشاداة تحولت لما يشبه حرب الشوارع، استمر لأكثر من نصف ساعة قبل أن تتدخل القوات العمومية، ووصلت المواجهات لأوجها عندما تم إضرام النيران التي بلغ لهيبها نوافذ العمارة المطلة على الحديقة التي تحولت لمأوى الأفارقة، "لايمكن أن نؤدي ضريبة تساهل السلطات مع الأفارقة، بل المفروض هو بناء مركز للاستقبال، وليس تركهم يتسولون ويبيتون في العراء، ومنهم من أصبح يقتحم مداخل العمارات لقضاء حاجاته البيولوجية، دون الحديث عن سلوكيات مخلة بالحياء العام، اضطر معه مالك عمارة مجاورة إلى بيعها، والانتقال اإلى مكان آخر.." تقول إحدى النسوة..

وبينما كنا في حديث مع الساكنة المتضررة، كاد الأمر يتطور لاشتباك بعد أن عاد مجموعة من الأفارقة لمأواهم الذي أصبح رمادا، اضطر معه الساكنة إلى طردهم وإبعادهم عن المكان، وهو ما لم يتقبله الأفارقة الذين بدأوا بالتجمع، ولولا تدخل عناصر الدراجين الأمنيين لوقع ما لايحمد عقباه..

على الضفة الأخرى من طريق أولاد زيان، كان هناك رجال أمن يتحركون بشكل مثير، حيث بلغ إلى علم مسؤولهم الأمني تطويق أفارقة لمواطن قام بتصويرهم من بعيد، وبصعوبة بالغة تم تحريره منهم، "لديهم حساسية مفرطة من التقاط صورهم، ولم يسلم من اعتدائهم في وقت سابق لا صحافي ولا مواطن، وهذا السلوك يثير الريبة في نفوسنا، من أن يكونوا مطلوبين للعدالة سواء على الصعيد الوطني أو الدولي"، يقول شاب عشريني.

وفِي الوقت الذي أكدت فيه القوات العمومية أنها "سارعت إلى التدخل لاستتباب الأمن وفض المواجهات التي خلفت إحراق بعض المتلاشيات وحاويات الأزبال ودون تسجيل أية إصابات بشرية"، فإن ما وقفت عليه جريدة "أنفاس بريس"، هو إصابة ما لايقل عن خمسة شبان من بينهم عنصر أمن، بإصابات متفاوتة الخطورة، تلقوا علاجاتهم بمستشفى بوافي، وأنجزت لهم محاضر استماع من قبل الضابطة القضائية، ووقفت الجريدة على حالة شاب أصيب على مستوى رأسه بأربع غرز، "كنت مارا من شارع لاكروى، وسقطت مغمى علي بعد إصابتي بحجر وقت المواجهات"، يقول الشاب الذي يتابع دراسته في الهندسة المدنية..

هي أحداث رغم أنها تبقى محدودة في الزمان والمكان، فإن الترقب يبقى هو السائد في محيط محطة أولاد زيان، حيث تسعى العناصر الأمنية بمختلف تشكيلاتها حريصة على عدم وقوع أي احتكاك، وهو ما يطرح سؤال، إلى متى؟