أحمد بومعيز: تحديد وتوحيد معدل وعتبة النجاح بالمؤسسات التعليمية بين الرؤية الإستراتيجية والحلول الترقيعية

أحمد بومعيز: تحديد وتوحيد معدل وعتبة النجاح بالمؤسسات التعليمية بين الرؤية الإستراتيجية والحلول الترقيعية

أعلنت وزارة التربية الوطنية مؤخرا، وفي إطار تفعيل الرؤية الاستراتيجة 2015/2030، والتدابير ذات الأولوية، على العمل بتحديد وتوحيد عتبة النجاح والانتقال بين المستويات التعليمية، وذلك إلغاء وتجاوزا للمذكرة الوزارية 118 بتاريخ 25 شتنبر 2003 التي أطرت إمكانية الانتقال بين الأقسام وفق حاجة الخريطة المدرسية، وخاصية كل مؤسسة، أو حتى كل مديرية إقليمية، بخلفية تيسيير سيولة الانتقال، والاحتفاظ بأكبر عدد من المتمدرسين إلى أعلى مستوى ممكن، وفي حدود الباكلوريا.

قد يعتبر الأمر -من جهة ثانوية- تلبية لمطلب العديد من المدرسين وأولياء المتمدرسين الذي يشتكون من تدني مستوى المتعلمين وضعف المكتسب من التعلمات، إذ يسجل عدم تطابق وتحكم التلاميذ في التعلمات الأساس المرتبطة بالمستوى. لكن أسئلة ملحة، والذي تعد مشروعة في سياق الوضع الذي تعيشه المنظومة التربوية بالمغرب راهنا:

هل من الممكن تفعيل وأجرأة القرار الأخير والآن؟ وماذا أعدت الوزارة الوصية للرفع من مستوى المتمدرسين حتى يتمكنوا من الانتقال والنجاح وفق عتبة معدل موحدة؟

قد يمكن اعتبار أفق الموسم الدراسي 2017/2018 موسم التنزيل النهائي للقرار، لكن رغم ذلك، مجموعة من الإكراهات المرتبطة بالسياسة التعليمية تجعل من مهمة التنزيل الموضوعي والنزيه والعلمي للقرار صعب المنال، إن لم يكن مستحيلا أصلا. وهنا لا بد من التذكير بالمعطيات التي تأثر على القطاع وتؤطر مساره راهنا:

أزمة الأساتذة المتدربين لا زالت مستمرة، والحكومة والإطار المؤطر للأساتذة يعاندون ويرفضون معا كل مخرج  للأزمة. والحكومة تفتقد إستراتيجية الحل الواقعي والقانوني لمشكل الخصاص المهول والمرتقب في بداية الموسم المقبل 2016/2017.

هندسة الدعم و تأهيل المتعلمين غير واضحة وغير قابلة للأجرأة حاليا، بحكم ضعف التعبئة وإكراهات العرض التربوي بالمؤسسات التعليمية، وعدم توافقه مع الأهداف المرسومة نظريا.

ضعف البنيات والوسائل المادية والبشرية بالمؤسسات التعليمية.

صعوبة التوافق والإشراك الفعلي والميداني للمتدخلين في العملية (الإدارة التربوية، هيأة المراقبة التربوية، طاقم التدريس، جمعيات الآباء..).

إعادة النظر في المناهج والمقررات كمدخل أولي لإرساء منهجية الدعم الملائمة.

فقدان الثقة وضعف الترافع حول المنظومة التربوية في شموليتها بعد تعدد التراجعات والإحباطات المرتبطة بإصلاحها، (إلغاء البرنامج الاستعجالي نموذجا).

التذبذب الحاصل في عمليات التقويم المعتمدة وضعف الحكامة والشفافية في مختلف مراحلها وبمختلف المؤسسات العمومية والخاصة.

التراجع الحاصل في التكوين المستمر للأساتذة  على الأقل بعد البرنامج الاستعجالي.

ضبابية الرؤية الإستراتيجية وصعوبة تنزيلها، ارتباطا مع سياق الظرفية، وغياب إستراتيجية التمويل والمالية الكفيلة بالتنفيذ.

مشكل التجانس بين التعليم العمومي والخاص...

وإن كان من الضروري والاستراتيجي وطنيا إيجاد مخرج لإشكالية المنظومة التربوية في شموليتها بالمغرب، وهو الأمر الذي يفترض انخراط الجميع وفي مقدمتهم الحكومة والوزارة الوصية، فإن قرار توحيد وتحديد عتبات النجاح يبقى أمرا ثانويا، ومحاولة ترقيعية أخرى قد تأخذ مجالا آخرا للمزايدة النظرية، مما سيقود إلى متاهة أخرى قد تزيد من تعميق الأزمة المزمنة التي تحاصر المنظومة التربوية بالمغرب.