السنة الدراسية الحالية في دورتها الأخيرة ... و أساتذة الغد في ذروة نضالهم ... و الحكومة في ورطة لا تعترف بها ... و الموسم الدراسي المقبل مهدد ... و الوزارة الوصية تعد وعودا من فراغ ... و الداخلية تتوعد و تقمع من حين لحين ... ورئيس الحكومة يعاند ... فالتعليم إذن ليس قضية وطنية .
جميل جدا أن نناضل من أجل قضية الوحدة الترابية . و جميل جدا أن نعلن التعبئة القصوى . و قد لا أجد حرجا لو كنت في مراكز قرار السلطة أن أعلن القدرة على التعبئة .
أضن أن المطلب الأساس من المسيرة هو أن يرجع بان كيمون إلى حياده و معه الأمم المتحدة ، و إعطاء انطلاقة لمسلسل التسوية في المنطقة ، و إنهاء الملف الذي يهدد السلم الإقليمي . و النتيجة المرجوة التي تتوخاها الحكومة و المتظاهرين و المناصرين للقضية الوطنية من خلال المسيرة و غيرها من " التعبئة "هي أن يجد المغرب آذانا صاغية من الأمم المتحدة ، و المنتظم الدولي ، و مجلس الأمن ، و الدول المؤثرة على المشهد و القرار السياسي العالمي . كلها انتظارات قد يطول تحقيقها خصوصا إذا لم ترمم الدبلوماسية المغربية شرخها ، و تصحح مسارها ، و تحسن من أدائها . و كان الأمر طموحا مشروعا ، بل مطلبا صار ملحا بالنسبة للوطن و المواطنين .
لكن ، و موازاة مع ملف الصحراء ، وملفات و أشياء أخرى في ذات الأهمية ، ألا يمكن اعتبار التعليم أيضا قضية وطنية بعد ملف الصحراء وفق تصريحات السلطات العليا ؟
والآن و نحن نقترب سريعا من نهاية الموسم الدراسي ، و أساتذة الغد لا زالوا ينفذون اعتصاماتهم و مسيراتهم الوطنية والتي كانت بالفعل حاشدة رغم غياب قضية التعبئة الرسمية ، فهل ستستمع الحكومة لنبض الشارع ، و نبض الوطن ، و نبض حاجة الأطفال إلى أستاذ قار اليوم و غدا ، وبنفس الدرجة التي تحتاجها و ترغبها الحكومة كي يستمع بان كيمون و المنتظم الدولي لقضية الوطن الأولى ؟
أكيد أن الجواب قريب بالنسبة لقضية التعليم و مشكل أساتذة الغد ، فغدا لناظره لقريب ، ولم يبق من الوقت و من الموسم الدراسي إلا القليل كي يتم إنقاذ الموسم القادم .
و أكيد أيضا أن الجواب على قضية الوطن الأولى سينتظر وقتا مقتطعا آخر قد يطول إذا لم تعد الدولة النظر في أداء دبلوماسيتها و مهندسيها ، و إعطاء الفرصة لدبلوماسية موازية فاعلة و راشدة ، وليس في مقاس ما يحتاجه أصحاب القرار في فترة شدة يعتبروها عابرة ، ليتم الرجوع بعد الزوبعة لنفس المنهجية السابقة التي أدت إلى جل متاهات الملف .
فعفوا حكومتنا الموقرة و أصحاب القرار في الوطن أن نذكر بأن الصحراء قضية وطنية ، و التعليم قضية وطنية ، و الصحة قضية وطنية ، و التنمية قضية وطنية ، و الأمن و السلم قضية وطنية ، و الديمقراطية قضية وطنية ، و حقوق الإنسان قضية وطنية ...و ملفات أخرى تنتظر أن نعتبرها في العلن ، و بالفعل و الملموس ، و بالممارسة، و بالتبني الرسمي و الشعبي ... تنتظر بالفعل و الضرورة و الإلحاح أن نعتبرها جميعا ، وكلها... قضايا وطنية .