مصطفى نزيه: بان كي مون والصحراء... تصريحات مسيئة للشعب المغربي و مضرة بالشعب الجزائري

مصطفى نزيه: بان كي مون والصحراء... تصريحات مسيئة للشعب المغربي و مضرة بالشعب الجزائري

أكيد أن التصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول الصحراء المغربية مسيئة للشعب المغربي و لكنها مضرة كذلك، بشكل غير مباشر، بمصالح الشعب الجزائري الذي يتحمل الأعباء المالية التي تكلفه إياها جماعة البوليزاريو، و هي فاتورة ثقيلة تؤدى من عائدات البترول كان بالإمكان استثمارها في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية لصالح الطبقة الهشة، على الخصوص، بالشقيقة الجزائر.

فإطالة أمد الصراع حول الصحراء المغربية لا تخدم مصالح الشعب الجزائري الذي يؤدي فاتورة تدخل حكامه في الشأن المغربي و المس المستمر بالوحدة الترابية للمغرب.

و من نافلة القول انه من المفروض في أي مسؤول أممي التزام الحياد في القضايا السياسية و تعزيز دور الوسيط بين الفرقاء خدمة للسلام في العالم، عبر فض المنازعات، خاصة أن ما يعرف بقضية الصحراء هو مشكل مفتعل حول أقاليم من جنوب المملكة المغربية، كان بالإمكان حله لولا المساندة المالية و العسكرية الجزائرية لمرتزقة البوليزاريو و هي مساندة أطالت أمد المشكل و أعاقت سبل إيجاد حل له رغم أن المغرب تقدم بمبادرة الحكم الذاتي التي اعتبرها المجتمع الدولي مبادرة جادة و واقعية و ذات مصداقية من شأنها، لو خلصت النوايا، إنهاء هذا الصراع المفتعل.

فتصريحات السيد الأمين العام الأخيرة تعد موقفا منحازا و تصب الزيت على النار لأن من شأن مثل هذه التصريحات أن تساهم، مع الأسف، في استمرار المشكل القائم و إطالة أمده.

و للتذكير، فكثير هي التقارير التي تدين البوليزاريو فيما يتعلق باختلاس مسؤوليها للمساعدات الإنسانية الموجهة للمحتجزين في مخيمات تندوف. و هذا غير خاف داخل أروقة الأمم المتحدة.

للإشارة، من جهة أخرى، أنه منذ أن أعلن أن البوليزاريو أصبح جمهورية صحراوية، على الورق، لها رئيس في شخص محمد عبد العزيز المراكشي و حكومة و سفراء في دول، الكثير منها جمهوريات موز، و أدخلت إلى منظمة الوحدة الإفريقية، و الجزائر تستثمر في الانفصال و تراهن على الوهم و تنفق الأموال مع العلم أن المواطن الجزائري لايهمه، لامن قريب و لا من بعيد، ما يسمى بمشكل الصحراء. و لو أجري استفتاء نزيه في الجزائر لتأكد ذلك، في حين أن استرجاع الأقاليم الصحراوية و تنميتها هو قضية شعب في المغرب. و ما المسيرة الشعبية الضخمة التي عرفتها العاصمة الرباط يوم الأحد 13 مارس 2016 إلا تعبير آخر لمن يهمهم الأمر على الإجماع الوطني حول مغربية الصحراء. و هو تعبير يثلج الصدر.

و مما يثلج الصدر كذلك هو تقوية الاستثمارات الهادفة إلى التنمية المستدامة بالأقاليم الصحراوية لجنوب المملكة و التي تجلت على الخصوص في إطلاق مشاريع كبرى وصفتها العديد من وسائل الإعلام في الداخل و الخارج بالثورة التنموية، و ذلك في نونبر 2015 بالعيون، من طرف جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء الشعبية السلمية التي حررت الصحراء المغربية من الاحتلال الإسباني.

و أكيد أن هذه المشاريع العملاقة بالأقاليم الجنوبية، التي لاحظ العديد من الصحافيين الذين واكبوا الحدث أن مستواها أصبح يضاهي مستوى الأقاليم الشمالية، ستجلب استثمارات خارجية يكون لها انعكاس إيجابي في المستقبل المنظور على جل القطاعات و على رأسها قطاعي التشغيل و السياحة.

و ما يحز في النفس، في الأخير، أن بان كي مون و هو الخبير المحنك  في السياسة و القانون و العلاقات الدولية و الموجود على رأس أكبر منظمة عالمية، كمنظمة الأمم المتحدة، يتيه في ما تبقى من ولايته و يخلق أزمة كبرى غير مرغوب فيها في منطقة آمنة. فما يسمى بمشكل الصحراء كان، لحد الآن، متحكم فيه، رغم التوتر الحاصل بين الأطراف منذ الإعلان عن وقف اطلاق النار في 6 شتنبر 1991. و كانت تصريحات عدد من قادة الدول تصب في اتجاه الاقتناع بالحل الواقعي و المنطقي و العملي المطروح من طرف المغرب و تأييده، إزاء الجمود السياسي و ستاتيكو و غياب أي مبادرة أخرى جادة. فمن هي الجهات التي من مصلحتها إشعال الفتيل الآن؟ ألم يكفي السيد الأمين العام، يا ترى، الحروب المشتعلة في أكثر من دولة عربية و ما تخلفه من مشاكل للدول الأوروبية و من عبء على الأمم المتحدة؟    

إلا أننا إذا وضعنا نصب أعيننا، في المغرب، أنه منذ الأشهر الأخيرة من سنة 2015 اشتدت المناورات و الدسائس حيال الوحدة الترابية للبلاد، خاصة أنها أحيكت في السويد و النرويج و محكمة العدل الأوروبية، يصبح من نافلة القول و الحالة هذه أن الاستمرار في التعبئة و المواجهة ضروري، ربما أكثر من أي وقت مضى، كون من يغذون بؤر التوتر عبر العالم لن يرتاحوا إلا في الماء العكر، مع الأسف.