إن ما جرى للطفل عِمران من خطف و تعذيب و اغتصاب جعلنا جميعا نشعر بالألم و الأسى ، و ربما بالذنب أيضا ، لأننا جزء من هذا المجتمع الذي مازال عاجزا عن حماية الأطفال من همجية الذئاب البشرية.
عمران الذي لم يتجاوز عامه الرابع تعرض للاختطاف من أمام دكان جدته في حي ليساسفة بالبيضاء ، و ربما أغراه الخاطف بقطعة حلوى أو ما شابه ، ثم أخذه إلى مكان ما لينتهك براءته على نحو وحشي ، ثم يضربه بعنف على رأسه و في أجزاء أخرى من جسده الهش ، و بعد أن يستمتع بتعذيبه و انتهاك براءته بدم بارد ، يخنقه و يدفنه في الخلاء معتقدا أنه مات ، و يضع فوق جسده حصيرة و فوق الحصيرة يضع الحجارة ..
هكذا ظل عمران مفقودا طوال الليل ، و ظلت والدته تبحث عنه في الشوارع بعين دامعة و قلب مرعوب ، حتى أتاها الخبر في اليوم التالي و علمت أنهم قد عثروا عليه مدفونا في حفرة ، فأسرعت بكل ما في قلبها من رعب على طفلها الصغير ، لتعاينه عاريا ، ملطخا بالدماء ، فاقدا للإدراك تماما ، فتظن أنه فارق الحياة ، و تسقط غائبة عن الوعي من هول ما رأت ، و لا تستيقظ حتى تجد نفسها ممددة بقربه في سيارة الإسعاف ، فتشكر الله لأن عمران مازال على قيد الحياة بعد كل التعذيب النفسي و الجسدي الذي تعرض له .
لتبدأ الشرطة القضائية في البحث عن الذئب المجهول و تعتقل الجاني الذي يدعى « قيزز » ، مراهق مشهور بعنفه و إجرامه و إدمانه . و ينتشر الخبر عبر أحياء الدار البيضاء ، و ينتقل الرعب إلى جميع الأمهات الخائفات على أبنائهن من مصير مشابه لمصير الطفل عمران . فهذه الجريمة البشعة ليست الأولى و لن تكون الأخيرة ، لكن ما جعلها تثير هذا الكم من الرعب هو أنها حصلت في حي شعبي تكتظ شوارعه و أزقته بالبشر ، و لا أحد انتبه لما جرى ، و لا أحد رأى المجرم و هو يختطف طفلا لم يتجاوز الرابعة ليغتصبه و يعذبه بالضرب و الحرق قبل أن يدفنه حيا .
ربما قد جاء الوقت لإعادة النظر بشكل صارم في القوانين الرادعة للمغتصبين الذين يلطخون براءة الأطفال ، و لا مفر من تشديد العقوبات إلى حدها الأقصى ، حتى لو تطلب الأمر استعمال الخازوق أو الإخصاء ، فلا يجب أن تكون هناك رحمة إطلاقا في معاقبة هؤلاء المتوحشين ، مادامت العقوبات السجنية لم تنجح بتاتا في ردع هؤلاء الذئاب عن التربص بالأطفال .