محمد بن الطاهر: من زمن " الأندية السينمائية" إلى زمن " الفيسبوك"

محمد بن الطاهر: من زمن " الأندية السينمائية" إلى زمن " الفيسبوك"

إيميل زولا: "عندما نيأس من المستقبل، يكون للحاضر طعم المرارة المقززة"                            

قبل عصر "الفيسبوك"، كانت للناس عاداتهم في المقاهي، في الأندية السينمائية وفي الأماكن التي يحتاجها البعض لتفريغ أحزانهم باستمرار رغم إدراكهم بأن ذلك لن يغير شيئا.

"الفيسبوك" عوض جزءا مهما من كل هذا.

فهو يكلف أقل من جلسة على الأريكة أو موعد بوح لدى طبيب نفساني، كما يحافظ على بعض الحميمية من خلال خاصية الانعزال التي يتيحها.

ومع ذلك، لا ينبغي إغفال حقيقة أن "فيسبوك" هو صاحب الحساب.

ولا يمكن إقناعي بأن الذي يشتكي على الدوام على جداره وعلى جدران الآخرين ليس سعيدا من غير حياته.

أن يندب المرء طيلة اليوم وأمام العموم يفترض حالة نفسية ترى أن "الكل فاسد، كل شيء سيء، وكل شيء بشع".

كتب إيميل زولا في رواية "جيرمينال" السوداوية: "لا شيء ينتهي إلى الأبد، يكفي بعض السعادة ليبدأ كل شيء من جديد".

هذه العبرة تضعنا أمام أهمية التبادل والحوار، مادام في إطار اللباقة، مع الأصدقاء، وأصدقاء الأصدقاء، وأحيانا مع الغرباء.

بعض الجدران الفيسبوكية تعتبر معارض حقيقية لمشاهد الندب طيلة الأيام،

استنكارات لمآسي العالم تغذيها ضجات وسائل الإعلام،

عواصف من الدموع على مصير حالات إنسانية وشبه إفشاء لمحتويات ملفات طبية،

عدم الرضى بأي شيء وفي جميع المجالات، مؤشر على أن العلاج بالعناق تنتظره أيام مشرقة،بقايا النثانة التي تنشطها الماغما اليوتوبية بشكل مفرط...حيوات ملأى بالحزن لأن الحزن انتشر أكثر فأكثر،ردود فعل على مشهد الكلاب المقتولة يعكس ضحايا النظام التعليمي...وحتى مكتب شكايات ضد كل أنواع الخيانات.

ستسألونني إذن عن السبب الذي يجعل ذلك الكم الهائل من الأشخاص يشتكون في الفيسبوك.

عدد مهم منهم يسعى للفت الانتباه لكثرة ما هو ضائعون،

الحاجة للحديث مع الآخرين أمر مشروع، وهذا يتطلب أيضا توفير محتوى خاص،

البعض الآخر جعلوا من أنفسهم خبراء في "إعطاء الدروس" ويشرحون كل شيء بكل شيء.

عندما نفشل، نتعلم، وعندما لا نعرف، نتعلم أيضا، تقريبا هذا ما قاله نيلسون مانديلا.

لكن ليس هناك سوى مانديلا واحد !

المنيرون المتنورون

أن يجازف المرء بنشر يأسه فهو يخرق حياته الشخصية

فيسبوك، إسوة بباقي الشبكات الاجتماعية، يعكس، جزما، صورة مجتمعنا: ميل يكاد يكون تاما نحو النظام التقني، على نحو ما يقوله جاك إيليل، وافتقاد حاد للقدرة على التمييز.