وقع يوم 26 /02/2016 بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بالرباط، مديرو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرون الإقليميون للوزارة على وثيقة جديدة "ميثاق المسؤولية" هو بمثابة تعاقد أخلاقي وإداري بين الوزارة والمسؤولين الجهويين والإقليميين، يحدد مجموعة من المبادئ والقواعد الأخلاقية والمهنية التي يتعين عليهم التقيد بها عند مزاولتهم لمهامهم .
العديد من القراءات والتأويلات تلت هذا الإجراء الذي يأتي في سياق وضعية صعبة تطبع المرحلة التي يمر منها القطاع برمته بعد تفاقم أزماته التي صارت مزمنة، وحتى التحولات التي هو مقبل عليها تأتي في ظرفية صعبة، والتحديات الراهنة تعد مصيرية بالنسبة للمنظومة التربوية بالمغرب .
قد يمكن اعتبار أمر الميثاق إجراء إداريا في شكله من أجل حشد المزيد من التعبئة لإصلاح القطاع، أو قد يكون بمثابة إعادة رتيب لمسؤوليات المدراء الجدد. لكن كل هذه الافتراضات والتبريرات تصادف في الواقع الفعلي للمنظومة مجموعة من الأسئلة المرتبطة بأولويات ومطالب ذات الأسبقية لكل مقاربة تروم الإصلاح. وهنا لا بد من التذكير براهنية وضرورة أجرأة الرؤية الإستراتيجية 2015/20130 التي لا زالت تنتظر التنزيل الواقعي والفعلي وفق السرعة والاستعجال الذي يتناسب مع مستوى الأزمة التي تحاصر القطاع. فألم يكن إجراء الميثاق أمرا ثانويا بحكم وجود قوانين منظمة للوظيفة العمومية، ونظام أساسي للوظيفة، ونظام أساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية. مع العلم أن كل المديرين والمديرات هم أطر تربوية مرتبطين عضويا ونظاميا وإداريا وقانونيا بوزارة التربية الوطنية؟
أيمكن اعتبار بداية الشفافية والالتزام والجدية بدأت "كرونولوجيا" من هذا الميثاق، مما يعني ضمنيا أن قبله كانت هناك تجاوزات لم يتم تقييمها ومتابعة المعنيين بها والمخلين بواجبهم المهني ؟
هل سيتم تعميم شكل ونموذج الميثاق على باقي مكونات وأطر المنظومة من مفتشين ورؤساء أقسام ومصالح بالمديريات ومديرات ومديري المؤسسات التعليمية ومعاهد التكوين وأساتذة ومؤطرين...؟ أم أن الميثاق يقف فقط عند مستوى مديري الأكاديميات والمديرين الإقليميين؟
هل سيتم فعلا تتبع بنود الميثاق في إطار تقويم إجرائي مفترض، رغم صعوبة ذلك لما يتضمنه الميثاق من عموميات في ديباجته وصياغة بنوده ؟
هي أسئلة تعتبر مشروعة – على الأقل - في ظل الواقع الذي تعرفه المنظومة التربوية من تعثرات ومشاكل قد تعصف بمستقبلها، ويكفي أن نذكر بمشكل العنصر البشري والخصاص، ومشكل إعادة التوزيع والانتشار، ومشكل الاكتظاظ، ومشكل الأقسام المشتركة، ومشكل البنيات والعرض المدرسي، ومشكل الإقامات والداخليات، ومشكل المناهج، ومشكل تدريس وتعميم المواد واللغات كالأمازيغية، ومشكل الأساتذة المتدربين الذي لم يتم معالجته بعد ونحن في منصف الأسدوس الثاني من السنة الدراسية، ومشكل مديري المؤسسات التعليمية الذين يحتجون ويعتصمون بين الحين والحين... هذا مع إعادة الإشارة والتأكيد على صعوبة أجرأة الرؤية الإستراتيجية 2015/2030 باعتبارها آخر مخرج لإنقاذ المنظومة، أمام غياب إستراتيجية تدبيرية ومالية وحكماتية واضحة و مواكبة لإصلاحها.