خلفيات اعتذار المغرب عن استضافة القمة العربية

خلفيات اعتذار المغرب عن استضافة القمة العربية

بعد اعتذار المغرب عن استضافة القمة العربية وتبريره ذلك بعدم توفر الظروف الموضوعية للخروج بقرارات تستجيب لتطلعات الشعوب العربية، يجمع مراقبون مغاربة على أن ما دفع الرباط إلى هذا القرار هو شعورها بالمسؤولية عن تحقيق الحد الأدنى من شروط نجاح هذه القمة.

وقد عبر بيان الرباط حول الموضوع عن رفض المغرب أن تعطي القمة العربية الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين دول العالم العربي الذي يمر بمرحلة عصيبة.

ورجّح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس سعيد الصديقي أن يكون المغرب أجرى مشاورات مع حلفائه في الخليج الذين لا يرون فائدة في عقد القمة ما دامت القرارات السياسية والعسكرية العربية المهمة يتم اتخاذها خارج الجامعة العربية.

ويضيف الصديقي غياب آليات فعالة لاتخاذ القرار داخل منظومة الجامعة العربية، وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة في ظل الانقسام العربي غير المسبوق في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وليبيا.

أما رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية سمير بودينار فيرى أن ما دفع بالمغرب إلى اتخاذ هذا القرار هو الشعور بالمسؤولية عن تحقيق الحد الأدنى من شروط نجاح هذه القمة التي كان يُفترض أن يرأسها، "فهو لا يرغب في تحمل فشل قمة لا تتمتع بأي فرص للنجاح في تجاوز حالة الانقسام".

 أما رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات عبد الرحيم منار السليمي فيرى أن النجاحات التي حقّقتها السياسة الخارجية للمغرب في ملفات عربية كالملف الليبي، "باتت أكبر من احتضان قمة عربية بدون قرارات".

فنجاح القمم العربية ليس في انعقادها وإنما في قوّة قراراتها التي يجب أن تذهب باتجاه تقليص مخاطر الإرهاب والتوسع الإيراني في ملفات إقليمية كسوريا والعراق واليمن، فضلا عن العودة بالقضية الفلسطينية إلى رأس الأولويات, حسب قوله.

تشتت

وإلى جانب هذه الأسباب يرى السليمي أن المغرب لم يكن ليحتضن قمّة تزيد من حالة التشتت العربي في ظل الخلاف الذي بدأ يظهر بين السعودية ومصر حول الأزمة السورية، وارتياب القاهرة من التقارب السعودي التركي، إلى جانب خلاف الحكومة العراقية مع بعض الدول العربية، "لا سيما أن المغرب ظل يحتفظ بمرجعية تاريخية للقمم العربية الناجحة كقمم فاس ومراكش والدار البيضاء".

من جهة أخرى يرى بودينار أن المسار التراجعي لدور الجامعة العربية يوازيه إطلاق مبادرات وتحالفات عربية من خارجها، قد أصبح المغرب جزءا منها كتحالف عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن، والتحالف الإسلامي ضد الإرهاب بقيادة السعودية، ولذلك فإن الذي يعطي خصوصية للموقف المغربي هو تحالفاته مع دول الخليج التي تقدم حضورها وتأثيرها في القرار العربي بشكل كبير.

وخلافا لبودينار الذي توقّع أن يكون تمثيل المغرب في القمة العربية القادمة متوسطا كما كان الحال عليه خلال القمم الأخيرة، توقّع الصديقي أن يكون التمثيل الدبلوماسي المغربي في القمة منخفضا جدا "إذ لا يعقل أن يعتذر عن استضافتها ثم يشارك فيها بوفد رفيع المستوى، وإلا فإنه سيتناقض مع الدواعي التي جعلته يطلب إرجاء حقه في تنظيم القمة".