محمد الوافي: الإضراب العام سيكون محاكمة سياسية واجتماعية لحكومة بنكيران

محمد الوافي: الإضراب العام سيكون محاكمة سياسية واجتماعية لحكومة بنكيران

يعتبر منسق الإعلام بين المركزيات النقابية الأربع وعضو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، محمد الوافي، أن حكومة بنكيران قد استهدفت كل الفئات الشعبية من خلال قراراتها اللاشعبية. واستغرب الوافي للمحاولات اليائسة التي تحاول "الأذرع الإعلامية للحكومة" أن تشوه العمل النقابي النبيل، وأن تنتقص من قرار الإضراب العام بتغييب الدواعي الحقيقية التي أدت إلى إقراره، والادعاء بأن موضوع التقاعد هو النقطة الوحيدة التي دفعت النقابات لإقراره...  "أنفاس بريس" حاورت محمد الوافي، وكان معه نص الحوار التالي:

+ ما هي أهداف الإضراب الوطني العام يوم غد الأربعاء 24 فبراير؟

- تخوض الطبقة العاملة المغربية بكل فئاتها في الوظيفة العمومية والقطاع شبه العمومي وشركات القطاع الخاص، وعموم الأجراء والحرفيين والمهنيين والمهمشين، إضرابا وطنيا عاما غدا الأربعاء 24 فبراير 2016 لمدة 24 ساعة، يمثل أملا لاستعادة المبادرة من قبل المجتمع وقواه الحية بقيادة الحركة النقابية، من أجل نفس الأهداف التي ناضلت من أجلها أجيال من المغاربة الذين سجلوا صفحات خالدة في النضال من أجل مغرب الديمقراطية والكرامة والتقدم والعدالة الاجتماعية.

+ ألا يمكن اعتبار محطة الإضراب العام محاكمة سياسية واجتماعية لتعنت رئيس الحكومة؟

- رغم أن هذا الاضراب العام هو الثاني من نوعه في تاريخ هذه الحكومة، إلا أن له مميزات تجعل منه إضرابا عاما وطنيا ناجحا حتى قبل خوضه. ذلك أنه، ومنذ فجر الاستقلال، تشارك كل الفئات المجتمعية من مختلف شرائح الشغيلة والمأجورين، والطلبة والمعطلين جنبا إلى جنب مع الأطر والجامعيين والمثقفين، في ما يشبه إجماعا مجتمعيا أو محاكمة سياسية واجتماعية رمزية لحكومة الأستاذ عبد الاله بنكيران. والمنطق أنه "ما اجتمعت هذه الأمة على ضلال".

+ ما هي أهم دواعي الإضراب العام الوطني؟

- لقد استهدفت سياسات الحكومة، رغم العديد من الإنجازات التي تحسب لها، كل الشرائح المجتمعية، وخصوصا الطبقة العاملة والعاطلين والشباب والشرائح الدنيا.. وقد صدر في ذلك العديد من التقارير الوطنية والدولية، وأثارت ناقوس الخطر فيما يخص هذه الفئات والأخطار التي يمكن أن تنجم عنها فيما يخص الاستقرار الاجتماعي للبلد، وفيما يشبه الوضع السريالي، شهدت العلاقة بين رئيس الحكومة والحركة النقابية أطوارا لا تشرف الوطن. فرغم صفحات التاريخ الإيجابي من الحوار الاجتماعي بالمغرب، كشكل حضاري قانوني ومسؤول، وكتعبير عن رقي العلاقات وسمو الدول، تعاملت الحكومة الحالية بشكل ركيك، فيه محاولة احتقار وتسفيه الفعل النقابي، في بلد أسدت فيه الحركة النقابية خدمات جليلة لا تقدر بثمن للوطن، لدرجة أصبح قياديو الحركة النقابية يتساءلون عن جدوى إجراء انتخابات مهنية وصرف ميزانيات مخصصة لفرز المنظمات التي تستحق صفة التمثيلية في الوحدات والقطاعات وعلى المستوى الوطني. وحاولت الحركة النقابية تعديد الأشكال والطرق السلمية والحضارية الاحتجاجية كلها، من أجل إبلاغ الرسالة الصحيحة لرئيس الحكومة ووزرائه، وتجنيب بلادنا كل ما يمكننا تجنبه من آثار سلبية لعلاقات متشنجة ومتوترة وبدون مردودية، على الاقتصاد والمجتمع. غير أن كل محاولاتها قوبلت بنقص في الوعي باللحظة الوطنية الاستراتيجية التي يعمل المغرب على استثمارها جيوسياسيا، موقف غريب لا يتجاوز العملية الانتخابية وضمان العودة لإدارة الأمور لأجل هذا لم تجد الحركة النقابية بدا على خوض الإضراب الوطني العام الذي قررته مضطرة أمام "سور عظيم"، اسمه حكومة بنكيران.

+ ما هي قراءتك للوضع الاجتماعي المتأزم حاليا في علاقة الحقل السياسي والنقابي بحكومة بنكيران؟

- من سياسات هذه الحكومة أيضا، إقرارها لإصلاحات لم تستفتي فيها أحد من مكونات المجتمع، بل تخالف كليا مجمل وعودها الانتخابية، وتصريحاتها الحكومية. فبدل تحقيق نسبة 7% من النمو السنوي، أو أن تنزل نسبة البطالة إلى أقل من 6% أو أن ترفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم في كل القطاعات كما وعدت بذلك إبان الحملة الانتخابية، انقضت على صندوق المقاصة المسكين وشرعت تشعل نار الأسعار التي أحرقت القدرة الشرائية لبسطاء المواطنين وللفئات الوسطى من المجتمع. بالإضافة إلى ذلك أقدمت الحكومة، مزهوة بأغلبيتها الهجينة على "إصلاح" أحادي للمعاشات المدنية يؤدي ثمنها الموظفات والموظفون. كما تنكرت الحكومة لما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2016، الذي يرجع له الفضل في الحفاظ على الاستقرار. وفيما يشبه عدم اعتراف القائمين على حكومتنا بالمبدأ السياسي الأساسي للدول ألا وهو استمرارية الدولة، لم يتردد رئيس الحكومة للتنكر لوعد حكومة الفاسي للمعطلين في إطار محضر يوليوز مما اضطر معه أصحابها للتوجه إلى المحاكم، وغيرها من الأخطاء السياسية والقانونية.

+ كيف تردون على الأصوات النشاز التي تعزف على إيقاع مضاد للإضراب العام الوطني؟

- تحاول الأذرع الإعلامية للحكومة أن تشوه العمل النقابي النبيل، وأن تنتقص من قرار الإضراب العام بتغييب الدواعي الحقيقية التي أدت إلى إقراره، والادعاء بأن موضوع التقاعد هو النقطة الوحيدة التي دفعت النقابات لإقراره، وأن باب الحكومة دائما مفتوح، وأن منجزاتها هائلة واستثنائية، كأن البرنامج النضالي للمركزيات النقابية هو نوع من الحسد أو المنازعة السياسية للحكومة. وهذه المسوغات كلها ادعاءات خاطئة. وأسباب الإضراب أدركتها كل الفئات المجتمعية وفي طليعتها الطبقة العاملة والمثقفون والأساتذة والباحثون والفنانون والمبدعون الذي ساندوا الدعوة للإضراب الوطني العام. والحوار الاجتماعي تريده الحكومة شكليا وخاضعا لإرادتها وأجندتها، وإنجازاتها سيحكم عليها التاريخ. أما الإصلاح فهو مبتغى الطبقة العاملة أيضا، بل إن عددا من الملفات والإصلاحات كانت ومازالت من إبداع الطبقة العاملة والحركة النقابية. ومنظمة الاتحاد المغربي للشغل كقوة طلائعية تقدمية متجذرة في صفوف الطبقة العاملة منبثقة من الشعب المغربي، فهي سائرة بوفاء كامل لمبادئها ولشعبها، خادمة وخدومة للعمال والموظفين والأطر، نساء ورجالا، حتى تحقيق مجتمع الكرامة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.