الحركة الاجتماعية النسوية تهدي شعار "كي تصبح أحلام النساء واقعا" لروح عالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي

الحركة الاجتماعية النسوية تهدي شعار "كي تصبح أحلام النساء واقعا" لروح عالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي

انعقد المؤتمر الوطني لفدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة (حركة اجتماعية نسوية)، ببوزنيقة أيام 19، 20 و21 فبراير 2016، بحضور متنوع للطاقات النسائية من مختلف مناطق المغرب ومن مختلف الشرائح والفئات العمرية. وقد وقف الحضور وقفة إجلال وتكريم للراحلة فاطمة المرنيسي، التي كرست حياتها لنشر الفكر التنويري كباحثة نسائية رائدة. وقد هنأ المؤتمر نفسه على نجاح أشغاله وعلى الجلسة الافتتاحية المتميزة.

وتوقف المؤتمر عند السياقات الدولية والجهوية والوطنية التي تميز الوضع الحالي وتأثيراته على أوضاع النساء، من خلال: الاختيارات الاقتصادية العالمية الهجينة، والأزمات الاقتصادية والمالية المتواترة، والتموقعات الجيوستراتيجية للقوى الكبرى وحلفائها في الخريطة العالمية وإعادة توزيع الأدوار الدولية استنادا إلى مصالح الدول العظمى، وتأثيرات كل ذلك السلبية على وضع المجتمعات والنساء عالميا وتعرضهن للعنف والتمييز والبطالة والتهميش والإقصاء.. مخلفات الحروب والمجاعة والأمراض على فئات عريضة من نساء العالم في بقاع مختلفة وتنامي الإرهاب والتطرف والعنف والعنصرية وعمليات الاقتتال، مخلفة الدمار والخراب البشري والحضاري في مختلف مناطق العالم وجاعلة النساء وكرامتهن وحقوقهن في دائرة الاستهداف الأساسي....

مقابل ذلك هناك مؤشرات إيجابية عالمية، تتركز أساسا في تنامي الوعي والفعل من أجل التحرر والتصدي للأوضاع الكارثية التي تعيشها النساء سواء على مستوى الديناميات والتحالفات النسائية العالمية والجهوية المناضلة من أجل وقف العنف والتمييز والهشاشة، أو على مستوى أدوار بعض البلدان النموذجية ديمقراطيا ومن حيث الدفع بالمساواة بين النساء والرجال، وكذلك من ناحية قوة تأثير منظومة حقوق الإنسان الكونية وتلك المتصلة بالحقوق الإنسانية للنساء، وأيضا محاولات الاستنهاض الديمقراطي في بعض دول شمال إفريقيا.

Anissae-Haraka

 

أما وضع النساء في المغرب، فيوجد في قلب كل تلك الظروف الدولية والإقليمية، وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية، ويطرح تحديات قصوى أولها حتمية الخروج بالنساء اللواتي يشكلن نصف المجتمع، من عتمة الانتهاكات والاعتداءات الصارخة التي يعشنها يوميا داخل تهديدات منظومة ثقافية تقليدية مهتزة ومتناقضة مع المكانة التي أصبحت تحتلها النساء من جهة، ومع تطور البنيات الاجتماعية والسياسية الذي عرفها المغرب خاصة في العقدين الأخيرين.

وسجل المؤتمر أنه باستثناء بعض المبادرات والإجراءات الإيجابية الرسمية في الحقل الحقوقي النسائي، خيبة آماله حول مآل التفعيل الديمقراطي والسليم لدستور 2011، وتعطيله على مستويات متعددة، ضدا على إرادة وفعل المجتمع المدني والديمقراطي عموما، وعلى توصيات ومقترحات المؤسسات الوطنية، وضدا على التهديدات والمؤشرات العالمية الخطيرة والمراتب المتدنية التي يحتلها المغرب في المجال الحقوقي والنسائي، وعلى تهديدات السياق العالمي والجهوي خصوصا في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، من إرهاب وعنف وتطرف واقتتال وتمزيق تاريخي وجغرافي لدول وحضارات عريقة، وبالرغم من التوجيهات الملكية في عدد من المبادرات والإشارات والخطابات المكرسة لإعمال الحقوق الإنسانية للنساء.

 

والنتيجة التي طرحها المؤتمر هي إحباط أية محاولات لإصلاح المقتضيات القانونية غير المنسجمة مع مبدأ المساواة في قانون الأسرة ، و القانون الجنائي وافراغ ألية المناصفة و مكافحة التمييز من مضمونها كسلطة مستقلة ولايتها محددة دستوريا في حماية ومكافحة جميع اشكال التمييز والنهوض بالمساواة، وإبقاء كل الأوراش التشريعية مفتوحة وموضوعا لمزايدات فارغة (القانوني الجنائي، الإجهاض، الإرث، قانون خدام البيوت،...) ناهيك عن محدودية المبادرات السياسية والعملية التي تم اتخاذها في المجال، والإصرار على استبعاد منهجية الديمقراطية التشاركية، بل واستهداف الجمعيات و مناضلات الحركة النسائية في أكثر من مناسبة. وإن المؤتمر بعد تناوله للأداء العام للفيدرالية، وآفاق عملها الاستراتيجي، تنظيميا وفكريا وإشعاعيا، يعتبر أن تفعيل توصيات إصلاح منظومة العدالة وإقرار هيئة المناصفة والعديد من التشريعات ذات البعد البنيوي إضافة إلى الإصلاحات الخاصة بميادين الإعلام والتواصل وتداول المعلومات والتعليم والتكوين تمثل أوراشا ضخمة راهنة، وميادين تصارع بين المشاريع المحافظة ومشروع التغيير الديمقراطي، ستسفر نتائجه عن أشياء لها ابعاد طويلة المدى على حياة المواطنات والمواطنين. ويجدد المؤتمر الوطني المطالب الأساسية للفيدرالية، بتركيز على ما يلي: الدعوة الملحة إلى مواصلة انضمام المغرب إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحقوق الإنسانية للنساء وخاصة الاتفاقية الدولية اتفاقية الرضا بالزواج، والحد الأدنى لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج والاتفاقية المتعلقة بجنسية المرأة المتزوجة، خصوصا بعد رفعه لتحفظاته على اتفاقية مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة، وانضمامه إلى البروتكول الاختياري الملحق بها.. ولاتفاقيات منظمة العمل الدولية منها الاتفاقية 156 الصّادرة عن مُنظمة العمل الدوْلية بشأنِ المُعاملة المتساوية للعمال من الرجال والنساء من ذوي المسؤولية العائلية. ملائمة كل مكونات المنظومة القانونية لحقوق النساء المغربيات مع المقتضيات الدستورية والحقوقية لإقرار المساواة الفعلية بين النساء والرجال) وخلق الانسجام الضروري ما بين القوانين والتشريعات اعتمادا على مفاهيم وتحديدات حقوقية وتستجيب لمقاربة النوع ..وفي مقدمة ذلك: • إصلاح قانون الأسرة بما يتلاءم مع المساواة وعدم التمييز وإعادة صياغة المدونة لضمان انسجام بنودها وحذف المواد التشييئية للمرأة والمهينة لكرامتها والمجترة لتأويلات الذكورية للقوامة. • تغيير قانون الميراث بما يتلاءم مع الدستور والتزامات المغرب الدولية استجابة لتطورات البنيات الاجتماعية ومبدأ عدم التمييز ومقاصد الاسلام بما يحقق العدل والانصاف والمساواة. • إصدار قانون إطار للقضاء على العنف ضد النساء بما يستجيب للمعايير الدولية فيما يخص الوقاية والحماية والمساعدة الاجتماعية للنساء الضحايا الناجيات من العنف والزجر والتعويض عن الضرر. • إخراج قانون الخدام المنزليون مع التنصيص مع اعتماد سن 18 سنة كحد أدنى للشغل وحماية حقوق خادمات البيوت. • إقرار قانون جديد منظم للأراضي السلالية وأراضي الجيش، لحل إشكالية التمييز بين الجنسين والحرمان الذي يمارس في حق النساء بمختلف مستوياتهن وأعمارهن وأوضاعهن الاجتماعية، ورفع الحيف عن آلاف النساء اللواتي حرمن من حق الانتفاع لكونهن نساء بدعوى الأعراف والتقاليد. • إقرار قانون جديد منظم للأراضي السلالية وأراضي الجيش، لحل إشكالية التمييز بين الجنسين والحرمان الذي يمارس في حق النساء بمختلف مستوياتهن وأعمارهن وأوضاعهن الاجتماعية، ورفع الحيف عن آلاف النساء اللواتي حرمن من حق الانتفاع لكونهن نساء بدعوى الأعراف والتقاليد. • استكمال تكريس منظومة انتخابية قانونية وسياسية وعلى مستوى الآليات تضمن ولوج النساء إلى دوائر ومواقع القرار اعتماد على مبادئ المناصفة والمساواة. • مراجعة أحكام باقي القوانين المجحفة ضد النساء في مجال الشغل والوظيفية العمومية والعقار والضرائب.... التسريع وفي أقرب الآجال إلى إخراج "الهيئة العليا للمناصفة ومكافحة كل اشكال التمييز" والقوانين المنظمة لها إلى حيز الوجود مع اعتبار شديد للمقومات والاسس المقترحة من الحركة النسائية والحقوقية ومؤسسات وطنية أخرى لكي تقوم بأدوارها الدستورية. اعتماد مبدأ المساواة بشكل رسمي وتلقائي في السياسات والميزانيات العموميّة، وفق مؤشرات تتبّع النوْع الاجتماعي ومعايير مقاربة حقوق الإنسان، وفي المقررات والمناهج التعليمية والاستراتيجيات والبرامج الإعلامية في كل مستوياتها. اعتماد مبدأ المساواة بشكل رسمي وطبيعي في السياسات والميزانيات العموميّة، وفق مؤشرات تتبّع النوْع الاجتماعي ومعايير مقاربة حقوق الإنسان، وفي المقررات والمناهج التعليمية والاستراتيجيات والبرامج الإعلامية في كل مستوياتها رعاية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للنساء والاهتمام بتحسينها وإقرار حقوقهن والنهوض بأوضاع النساء القرويات. جعل تنمية الفكر النقدي والتربية على المساواة بين الجنسيين وتحقيق الانصاف والمناصفة في قلب إصلاح ومراجعة مناهج البرامج والمقررات التعليمية وجوهر التربية الدينية بالمغرب. تفعيل التوصيات القيمة للمؤسسات الوطنية المنبثقة عن آرائها الاستشارية وتقاريرها ودراساتها النوعية فيما يتعلق بالمساواة بين النساء والرجال (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان). وفي الختام فإن المؤتمر الوطني الرابع يحيي مجهودات كل القوى الحية في العالم ضد الحيف والتمييز في حق النساء، ومن أجل الحرية وحقوق جميع النساء المضطهدات عبر العالم والنساء المغربيات من مختلف الشرائح، ويناشد كافة المكونات الغيورة على حقوق النساء ومصلحة الوطن في التنمية والديمقراطية والحداثة، للالتئام من أجل توسيع دائرة التضافر الميداني والترافعي والتعبوي من أجل تحقيق ذلك.