مواطن يرثي وزارة الصحة: شراء "البنج" مقابل العلاج في مستعجلات الوزير الحسين الوردي

مواطن يرثي وزارة الصحة: شراء "البنج" مقابل العلاج في مستعجلات الوزير الحسين الوردي

شاءت الأقدار مساء يوم 19 فبراير 2016 وأنا خارج من مقر عملي في الساعة السابعة إلا ربع، وأنا أهم بالخروج من موقف السيارات بسيارتي، وأمام تساقط أمطار الخير التي تشهدها مدينة أكادير هذا اليوم وعدم وضوح الرؤية بشكل جيد، تم الاصطدام بأحد سائقي دراجة نارية، فسقط أرضا أصيب على إثرها بجرح غائر برجله. حضرت سيارة الإسعاف، نقلت الضحية المصاب إلى المستشفى.. إلى هنا الأمور كلها عادية.

انتظرت حضور فرقة الشرطة المكلفة بمعاينة حوادث السير، بعد اتصالات متكررة بها دون جدوى. مرت سيارة للفرقة السياحية، فتقدمت إليهم أخبرهم بوقوع الحادثة، لحسن الحظ نشروا إخبارية بالحادث عبر جهاز اللاسلكي.. ورغم ذلك لم تحضر الشرطة المكلفة بمعاينة حوادث السير إلا بعد مرور حوالي ساعتين من وقوع الحاثة بعد معاينة مكان الحادثة وأخذ التصريحات.

انتقلت إلى مستشفى الحسن الثاني لعيادة الضحية بقسم المستعجلات، فوجدت المسكين جالسا بمقعد بقسم المستعجلات دون إسعاف أو تنظيف للجرح، ولما استفسرته لماذا لم يقدموا له العلاجات الضرورية؟ كانت المفاجأة أن الممرض المكلف بالعلاجات أراد أن يخيط جرحه بدون مخدر طبي (البنج)، وهو لا يستطيع تحمل الألم. استفسرت الممرض عن سبب ذلك، فأخبرني بأن المستشفى لا يتوفر على البنج، وأن الضحية إذا لم يستطع تحمل ألم العلاج فعليه أن يحضر أحدا من عائلته لشراء البنج اللازم، لذلك طلبت منه أن يدون لي اسم البنج اللازم، فغادرت مسرعا نحو أقرب صيدلة حراسة لأشتري هذا البنج، ولما هممت بأداء الثمن للصيدلي كانت مفاجأتي كبيرة مرة أخرى حين علمت أن ثمنه لا يتجاوز 16 درهما وثمانون سنتيما. استغربت للأمر وأخبرت الصيدلي بأنهم بالمستشفى أخبروني بأنهم لا يتوفرون على هذا البنج، فاعتقدت أن ثمنه مكلف، فأكد لي أن القنينة التي اقتنيتها يمكن أن تستعمل في قسم المستعجلات طيلة هذه الليلة ويشيط الخير.

رجعت مسرعا للمستشفى وأنا أترحم على الصحة العمومية والتعليم العمومي وكل ما هو عمومي، وأتساءل مع نفسي: هل هناك ما يمكن أن يجعل الإنسان يرتبط بهذا الوطن البئيس؟ فوجدت ألف عذر للذين يغادرونه كرها نحو المجهول، وحتى لطالبي اللجوء في البلدان الأخرى أمام غياب أبسط حقوق المواطنة في هذا البلد غير السعيد.

(المصدر: موقع أخبار الصحة)