العصري سعيد أحمد الظاهري.. لن ينسى المغاربة هذا الاسم.. العصري لم يكن مجرد "سفير" مثّل بلده الإمارات العربية المتحدة، كغيره من السفراء الأجانب العابرين كالسحاب. فهو استطاع خلال فترة اعتماده بالرباط، أن يبني في المغرب "أوتادا" وينسج علاقات إنسانية، ويكسر ذلك "الإطار الدبلوماسي" الذي يسجن فيه الدبلوماسيون أنفسهم، فاستحق بذلك لقب "سفير فوق العادة". العصري معروف في الوسط الدبلوماسي الإماراتي بكفاءته العالية وخبرته الطويلة في المجال الدبلوماسي منذ 1978، حيث بدأ أول مشوار له في وزارة الخارجية الإماراتية بدرجة ملحق دبلوماسي إلى حين كٌلف بمهام القائم بالأعمال بالنيابة للبعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة في جنيف من عام 1987 إلى غاية سنة 1993، وهي السنة التي ترقى فيها إلى أن وصل إلى درجة وزير مفوض بلقب سفير، وبعد ذلك رٌقي إلى درجة سفير.
كل من يقترب من العصري يشعر بأن هذا الرجل يريد أن يكون واحدا من المغاربة، ينصهر في عوالمهم، يبني جسرا بينه وبين البسطاء، يتقاسم معهم الحياة اليومية، يصغي إلى أحلامهم، يفتح قلبه لكل الطارقين. هذا هو العصري الذي عرفه المغاربة طوال الفترة التي عاشها بينهم، كأنه واحد منهم، وربما غيابه، بعد أن انتهت مهامه كسفير للإمارات بالرباط، سيترك جرحا غائرا في القلب.. فليس من السهل أن تفتقد قطعة أصبحت منك، التحمت بك، وامتزجت بدمائك.
عٌين العصري سعيد أحمد الظاهري سفيرا فوق العادة ومفوض لدى البحرين من 1993 إلى غاية 1999، وسفيرا لدى الولايات المتحدة الأمريكية من 2000 إلى 2006 وسفيرا معتمدا غير مقيم لدى المكسيك منذ 2002، ثم سفيرا لدى السعودية من 2006 إلى غاية 2010، حيث اضطلع أيضا بمهمة المندوب الدائم للإمارات لدى منظمة المؤتمر الإسلامي.
يٌجيد سعادة العصري سعيد أحمد الظاهري الحديث باللغتين الفرنسية والإنجليزية، بالإضافة إلى تميزه في اللغة العربية، فهو أكثر اطلاعا وتتبعا لأوضاع العالم، وأكثر حرصا على الحوار الفكري والحضاري والمشاركة في الملتقيات والمؤتمرات الإقليمية والدولية.
وبالرغم من الدراسة الجامعية العليا للعصري سعيد أحمد الظاهري في إدارة الأعمال، إلا أنه تلقى عدة دورات في الدبلوماسية والعلاقات الدولية، وأظهر كفاءة عالية وتفاني كبير في الترويج للصورة الرائدة لدولة الإمارات الحديثة والمتقدمة، وفي كل عاصمة عربية أو أمريكية وطأتها أقدامه إلا وترك فيها صدى طيبا وذكرا حسنا في المجالس الدبلوماسية والثقافية.
العصري لا يخفي إعجابه بالتجربة السياسية والاقتصادية المغربية، ويؤكد حرصه الشديد على المٌضي قدما بسفينة العلاقات المغربية الإماراتية نحو المزيد من التألق والتميز لجعلها علاقات نموذجية للتكامل والتعاون العربي - العربي. لا يشعر بنفسه أنه كان "ضيفا" في المغرب، وسيعود إلى الإمارات، مسقط رأسه، وهو يحمل في قلبه وطنا ثانيا اسمه "المغرب".