الأستاذ محمد النوري يكتب عن: الرياضة المغربية ومكر التاريخ (5)

الأستاذ محمد النوري يكتب عن: الرياضة المغربية ومكر التاريخ (5)

ننشر الحلقة الخامسة من سلسلة كتابات الأستاذ النوري محمد والتي نتناول من خلالها مجموعة من المواقف والقراءات عبر عنها بصدق ووفاء وإخلاص ذات الفاعل المدني والجمعوي والرياضي، تقدمها "أنفاس بريس" للقراء لإنعاش ذاكرتنا الرياضية الوطنية ونستخلص منها العبر، هي مواقف تتضمن قضايا الرياضة والرياضيين، استحضر من خلالها الأستاذ محمد النوري مسار الرياضة عبر التاريخ والذاكرة الشعبية مرورا على النبش في كونها كانت مدخلا نضاليا للوطنيين ضد المستعمر بعد أن حولتها مافيا الريع لمستنقع متعفن تستفيد منه " نخبة الرياضة " ضدا على تطلعات الشعب المغربي وإقصائه من التمرين على الآليات الديمقراطية بواسطة الرياضة وإشراكه في قراراتها مما انعكس على جميع الرياضات الجماعية سلبا وتدحرجت من الريادة نحو الردة فما هي إذا خلاصات الفشل الرياضي حسب النوري ؟

ـ الشموخ الفردي ونوم الجماعة

لولا الرياضات الفردية ما كان للمغرب وجود في السجلات الأولمبية أو البطولات العالمية بالمقارنة مع تواضع الرياضات الجماعية، لكن ذلك لم يمنع من ظهور بعض العمالقة في الرياضات الجماعية والتي ما كان لها أن تجر الجميع الى التألق والريادة، ففي عهد الحماية برز لاعبون موهوبون في كرة القدم منهم العربي بن مبارك الذي عرف بلقب الجوهرة السوداء كأول لاعب كرة قدم في التاريخ قبل أن يخلفه الاسطورة البرازيلية بيلي وقد لعب للمنتخب الفرنسي كما لعب لفريقي مارسيليا وأتلتيكو مدريد، وخلفه بالمنتخب الفرنسي لاعبا مرموقا أخر لم يكن سوى عبد الرحمان بلمحجوب الذي كانت تلقبه الصحافة الفرنسية بأمير حديقة الأمراء، ونفس الشيء مع اللاعب الأسطورة عبد الرزاق الوركة الذي لعب لـ 15 فريقا من القارات الثلاث "إفريقيا، أوروبا ، أمريكا اللاتينية" وقد عاصر هؤلاء الملاكم الشهير ولاعب كرة القدم مارسيل سردان الذي كانوا يلقبونه بالمدفعي المغربي.

عهد الحماية عرف العديد من اللاعبين الذين تألقوا في بطولة إفريقيا الشمالية أو في البطولة الفرنسية، ويصعب حصرهم جميعا في هذه العجالة، أما اللاعبون الذين برزوا بعد الاستقلال فهم قلة ولم يصل كعبهم إلى مستوى لاعبي الحقبة الاستعمارية، و من الرياضات التي بصمت وجودها في الحقبة الاستعمارية رياضة ألعاب القوى حيث أن منتخبها كان يعتمد في مجمله من عدائي الثكنات العسكرية حيث أن المغاربة كان يفرض عليهم التجنيد الإجباري، ابرزهم كان الطاهر بن اسماعيل قاهر المسافات المتوسطة والطويلة والتي حرمته الحرب العالمية الثانية من لقب أولمبي عندما توقفت الألعاب الأولمبية جراءها وهو في عنفوان قوته، وعاصره آنذاك العداء الإبراهيمي الذي تحول بعد الاستقلال إلى ممرض، وكان مرافقا لفريق الفتح الرباطي لكرة القدم، وقد ترك عائلة رياضية في ألعاب القوي وكرة اليد، وهناك العديد من العدائين الذين تألقوا في هذه الحقبة ومنهم من انتقل إلى المنتخب المغربي بعد الاستقلال نذكر منهم عبد السلام الراضي الذي حاز على الميدالية الأولمبية الفضية في ماراطون روما سنة 1960 والبقية تعرفونها في الإنجازات التي حققها، عويطة، نوال المتوكل، بوطيب ،خالد السكاح، خالد بولامي، حيسو، نزهة بيدوان، الكروج، جواد غريب.

مجمل القول أن الرياضات الفردية هي التي أوصلتنا الى العالمية، ألعاب القوى، الملاكمة، التنس .. أما الرياضات الجماعية فقد ظلت متواضعة ولم تستطع أن تفرض وجودها حتى قاريا، أما دوليا فهو حلم لا زال بعيد المنال سواء في كرة القدم، كرة اليد، كرة السلة، الكرة الطائرة، ولا حتى كرة الركبي.