رشيد صفـر : معرض الكتاب والشوراما...

رشيد صفـر : معرض الكتاب والشوراما...

يُقال أن الكتاب غداء الروح والعقل، وتتهافت المبادرات الثقافية والأدبية، لموازنته مع غداء الجسد والمعدة، لكن في ثقافتنا يتغلب السعي وراء تأمين حاجيات الجسد والمعدة، على حاجيات الروح والعقل.. والدليل هو أنه لماما ما تجد المغربي يحمل كتابا بين يديه في الطريق رجوعا من العمل أو في اتجاه فضاء النزهة، بل ترى العين أكياسا لم تعد سوداء "ساترة"، بل شفافة فاضحة، فتظهر المأكولات ولا أثر لـ"المقروءات" من القراءة.. ونقرأ لكم السلام يا أحباب .. من معرض الكتاب..

أن يجبر القائمون على تدبير الأمور التنظيمية للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالبيضاء في نسخته الحالية 22، المواطن على دفع 10 دراهم للدخول إلى أروقة المعرض والأطفال والطلبة 5 دراهم، أمر يمكن أن نمر عليه مرور "الكرام"، حتى لا يتم تصنيفنا في "مأدبة اللئام". لكن أن يجد المواطن نفسه أمام محلات للمأكولات في مدخل ومحيط وداخل المعرض، أغلبها لا يحترم آلية وضع لائحة الأثمان ويفرض تسعيرات باهظة على كل من قصد مطعما أو محلا للأكل، بعد تحقيق غداء الروح والعقل، للحصول على شيء من غداء الجسد والمعدة، فهذا أمر لم تنفع فيه قراءة الكتب ومطالعة كتاب قانون08-31  القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الصادر سنة 2011، الذي نص على ضرورة إشهار لائحة الإثمان، كي يتحقق مبدأ الإعلام ويختار المستهلك في ظل حرية الأسعار والمنافسة منتوجات موجهة إليه، حسب احتياجاته الشخصية والعائلية وإمكانياته المادية. 

تشجيع القراءة واقتناء الكتب أهم من "مكس الدخول للمعرض" الذي يوضح النظرة الضيقة والمحدودة الآفاق، لأن الغاية الأساسية التي يجب أن ننقر بها رأس المسؤولين هي تنشيط فعل الإبداع الأدبي وإرساء دعائم تشجيع ثقافة المطالعة وحب القراءة.

أما حكاية لائحة الأثمان، ففي المعرض محل واحد للأكل يشهر الأثمان، أما أغلب المحلات ا فلا إشهار أثمان ولا هم يحزنون.. ولأننا غالبا ما نقول ما فائدة القوانين دون تطبيقها؟؟. فإننا سنحول السؤال لـ : ما فائدة سن القوانين وفرض تطبيقها؟ في هذا الإطار مثلا. الجواب يلخصه ما حدث في مدخل المعرض لمواطن رفقة صديق له، جلسا في محل عبارة عن خيمة تعرض أكلة "الشوارما" على زوار المعرض، وبعد أن تقدم الزائر من المكلف بالأداء تأدية واجب الأكلة زأر : (وايلي 40 درهم للسندويتش !!؟؟ برا غير 10 الدراهم مع الفريت) وبدا وكأنه أصيب بمس من عفريت. حقق المواطن المذكور ما يصطلح عليه في الثقافة المغربية الشعبية "المُعالجة" كمرادف للأكل، لكن "عالجَهُ" صاحب المحل بثمن ليس في استطاعته تأديته، خصوصا وأنه تكلف بأداء مجموع ثمن ما أكله رفقة صديقه، فوجد نفسه أمام أداء فاتورة بمبلغ 80 درهم، تكفي لشراء كيلو لحم وكيلو من البنان، ولبان أو قطعتين من "جبان كولبان" (حَلِّ باش تولِّي) أي تذوق وارجع مرة ثانية.

في مثل هذه الحالات لا يجد المواطن من حل سوى معاتبة صاحب المحل وإبراز استيائه العميق، والتهديد بعدم الرجوع مرة ثانية لهذا المحل، لكن لو كان صاحب المحل يشهر الأثمان ويطبق القانون، لعرف صاحبنا أنه مطالب بثمن فوق طاقته.. وهذا هو الجواب على أهمية إشهار أثمان المواد الاستهلاكية للعموم. غالبا ما نسمع : ما العمل في مثل هذه الحالات؟؟. كان على صاحبنا أن يؤدي الثمن ثم ينادي على "عون قضائي" لتسجيل المخالفة ومتابعة صاحب المحل، بدعوى عدم تطبيق القانون أو الاتصال بجمعية لحماية المستهلك، لمعاقبة المخالف للقانون، لكن أدخل يده لجيبه فلم يجد ثمن رحلة الطاكسي للرجوع إلى المنزل، فما كان من صديقه إلا أن اخبره بأنه سوف يرد له "جميل أكلة الشوراما الحارقة الثمن" ويدفع عنه عناء ثمن الرحلة.. رحلة الجولان داخل محلات أكلات معرض الكتاب، تحمل العديد من المفاجئات، من بينها أن عامل بمحل للأكل، عندما تسأله عن ثمن "صالاد"، يقول لك : (والله ما عارف الثمن أصاحبي" شوف مع "لاكيس").. صديقي :  (واش بعد الأكل أم قبل الأكل !! ؟؟)..أقترح عليه أن يجيب : صاحبي نحن لا نبيع الأدوية، إبرة الحقن مثلا.