يتحدثون عن الدستور الجديد الذي كان منصفا في فصوله وساوى بين مغاربة الداخل والخارج في الحقوق، وكان حسب كل المتتبعين أكثر إنصافا للمرأة. لكن بعد حوالي خمس سنوات مازال التنزيل متعثرا، ومازالت القوانين المنظمة لم تعرف طريقها للنقاش في ردهات قبة البرلمان، لا على مستوى اللجان المتخصصة ولا على مستوى الفرق البرلمانية.
لا نعرف مكامن الخلل ومن يتحمل مسؤولية تعطيل العمل بفصول الدستور الجديد، والحكومة الحالية بأغلبيتها غير قادرة على بلوغ مطالب الشعب لتنزيل الفصول، لأن مدتها على وشك بلوغ خط النهاية .
حددوا تاريخ الاستحقاق القادم، لكنهم لم تكن لهم الجرأة والشجاعة لتحديد تاريخا للتنزيل ولا لتفعيل ما يتعلق بالمشاركة السياسية لمغاربة العالم بل هم يواصلون حتى عرقلة بند المناصفة .
السيد رئيس الحكومة يمارس صلاحيات أعطاها له الدستور، لكنه مع كامل الأسف يدير وجهه عن مغاربة العالم حينما يتعلق بالتعيينات في المناصب العليا.
ألا تستحق الكفاءات المغربية في دول عديدة في العالم أن يلتفت إليهم رئيس الحكومة، ويستفيد المغرب من مؤهلاتهم في تدبير الشأن الدبلوماسي وتدبير القنصليات، والذي يعرف خللا كبيرا .
ألا يعتبر إلمامهم بقوانين بلدان الإقامة وتمكنهم من لغاتها والعلاقات التي نسجوها مع مختلف الأحزاب والمنظمات ظروف مناسبة لنجاحهم في مهامهم .
لنلق نظرة على الكفاءات التي نجحت في مهامها في مختلف الدول.. ولتكن البداية في فرنسا التي تبوأت فيها المرأة المغربية الصدارة، وأصبحت ضمن الفريق الحكومي الفرنسي ثلاث وزيرات، وقبلها كانت رشيدة داتي وزيرة للعدل.. ولنعرج على الجارة بلجيكا، حيث يتحمل العديد من المغاربة مسؤوليات في البرلمان والحكومة.. ثم نختم بهولندا، حيث ترأس خديجة أعراب مجلس الشيوخ الهولندي وبنطالب عمدة مدينة روتردام، وقبل ذلك كان وزيرا في الحكومة الهولندية.
هذه النماذج التي ذكرت دليل على نجاح الكفاءات المغربية بالخارج القادرة على تمثيل بلدها الأم والمساهمة في الدفع بالعلاقات نحو الأفضل.
الثقة التي تضعها العديد من الدول في الكفاءات من أصول مغربية نساء ورجالا، يقابلها تهميش من طرف المغرب الذي تواصل فيه الحكومة الحالية تعطيل تفعيل الدستور.
بعد التعيينات الأخيرة في السلك الديبلوماسي، وخلو القائمة من الكفاءات المغربية بالخارج، يحق لنا أن نقول إن الخطاب الذي تسوقه الحكومة الحالية وأغلبيتها فاقد للمصداقية، وأنه آن الأوان لفتح نقاش جدي مع مغاربة العالم من أجل إشراكهم على الأقل فيما يتعلق بالخلل الكبير الذي يعرفه التدبير القنصلي وغياب التواصل بين من أوكل لهم تدبيره ومغاربة العالم في العديد من الدول.
إن وجوها كثيرة في القائمة الحالية للسفراء لن تستطيع النجاح في مهامها في غياب لغة التواصل الأساسية وهي الإنجليزية، بالإضافة لغياب التجربة الدبلوماسية، في الوقت الذي تتوفر فيه العديد من الكفاءات المغربية بالخارج على اللغة وقادرة على تجاوز هذا العائق.
إن هناك إجماع عند الغالبية بأن الدولة المغربية مستمرة في تهميش الكفاءات بالخارج وفي تعطيل تفعيل الدستور، وبالتالي علينا أن ننسى مسألة المشاركة السياسية في المغرب، ونتفرغ بجدية في الانخراط في الحياة السياسية في بلدان الإقامة، لأنه لا أفق في مشاركة قريبة ونحن على أبواب انتخابات برلمانية جديدة في شهر أكتوبر المقبل.