اعتبر أحمد المغاري، رئيس شبكة جمعيات الفضاء الجمعوي بالداخلة ونائب رئيس كونفدرالية الساقية الحمراء ووادي الذهب لهيئات ومنظمات المجتمع المدني، الزيارة الملكية حدثا تاريخيا يجب وضعه في سياقه الدولي والإقليمي والوطني، مضيفا في حوار مع "أنفاس بريس" بأن حجم الاستثمارات العملاقة بالأقاليم الصحراوية بمثابة رسائل قوية تترجم وفاء المملكة المغربية تجاه الوطن. كما شدد محاورنا المنتمي إلى قبيلة إدوعلي العلويين على أن انتظارات ساكنة الأقاليم الجنوبية لا تقل عن انتظارات ساكنة الأقاليم الشمالية.
ـ كيف تقرأ الزيارات المتتالية للملك لأقاليمنا الجنوبية منذ ذكرى المسيرة الخضراء؟
في حقيقة الأمر، الزيارة الملكية لأي جهة من جهات المملكة تشكل حدثا. ولكن زيارة الملك محمد السادس هذه المرة إلى الأقاليم الجنوبية تشكل حدثا بارزا وذلك بالنظر للسياق الذي تأتي فيه، كما أنه لابد من دراسة الظرف الزمني الذي جاءت فيه. فنحن نعلم أن الزيارة الأولى لمدينة العيون تزامنت مع ذكرى المسيرة الخضراء مع ما تحمله من دلالات، فمن جهة لم يتوقف الحديث عن أن الزيارة ستشمل مدنا أخرى، ومن جهة أخرى فإن الزيارة لهذه الأقاليم تعتبر محطة لتجديد أواصر البيعة والولاء المعهودين لساكنة الجهات الجنوبية.
ـ ما هي أبرز الرسائل التي بعثت بها الزيارة الملكية لأقاليمنا الصحراوية على المستوى الدولي والإقليمي والوطني؟
الرسائل التي تحملها هذه الزيارة عديدة ومتنوعة. وفي نظري أن الرسالة الأولى ذات البعد الوطني هو أن الدولة وفي إطار التزاماتها الدستورية والإصلاحات المهيكلة الكبرى بعد إطلاق مشروع الجهوية المتقدمة تريد أن تكون الجهات الجنوبية في صدارة هذا المشروع الواعد، بما معناه أن الإصلاحات الكبرى أصبحت تنطلق من الأقاليم الصحراوية. أما الرسالة ذات البعد الإقليمي فتكمن في أن المغرب يبعث برسائل قوية للدول المجاورة ليؤكد على أن الصحراء بدل أن تكون منطقة نزاع أصبحت منطقة جاذبة للاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية ويمكن أن تكون فضاء واسعا للشراكات الاقتصادية ذات البعد الإقليمي سواء في اتجاه العمق الإفريقي أو على الضفة الأخرى وأقصد الجارة أوروبا. هذا مع الإشارة إلى الرسائل ذات البعد الدولي والتي تؤكد على أن المملكة المغربية ومن خلال ما تقوم به من إصلاحات في الأقاليم الصحراوية تترجم على أن المغرب يتوفر على إرادة قوية وعزم لا يلين من أجل القضاء نهائيا على كل أسباب النزاع المفتعل حول الصحراء لأن المغرب اليوم أصبح يتوفر على شرعية الانجاز التي يضرب لها حسابها في ميزان كل القضايا والنزاعات المماثلة في العالم، وهنا لا بد من استحضار كلمة قالها جلالة الملك في خطابه الأخير لعيد المسيرة الخضراء ــ المغرب إذا وعد أنجز ـ وتجب الإشارة كذلك إلى أن المغرب إذا كان قد قدم منذ سنوات مبادرة سياسية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ها هو يبادر من جديد ليقوم بمبادرات تنموية جديدة ليتأكد للعالم أن المغرب هو دائما من يبادر، في ظل وجود أطراف أخرى عاجزة عن التفاعل مع رؤيته المتقدمة في تناول القضايا الاستراتيجية والتي لا تمتلك أي حل وليست لها أي مبادرات وعاجزة عن تقديم حلول عملية وواقعية.
ـ ما هي أبرز وأقوى الاستثمارات التي حظيت بها الأقاليم الجنوبية في تقديرك؟
في الحقيقة المشاريع والاستثمارات كلها جديرة بالاهتمام وذلك بالنظر لحجمها وقيمتها المالية، زيادة على ذلك كله لابد أن نسجل اليوم ملاحظة هامة وهي أننا لم نعد نتحدث عن مشاريع صغيرة أو متوسطة ... نحن اليوم نتحدث عن مشاريع عملاقة تتجاوز الحدود الوطنية على كل الأصعدة .... نحن نتحدث عن موانئ كبرى، عن مستشفيات بمواصفات عالمية تلبي حاجة حتى الدول المجاورة ... نحن نتحدث عن مدارس وجامعات ، نتحدث عن محطات عملاقة للماء والكهرباء . إذن نحن اليوم أمام منجزات ملموسة على أرض الواقع فكل المشاريع الملكية على مستوى عالي من الأهمية كما أنها كفيلة بالاستجابة لكل التطلعات المشروعة لسكان أقاليمنا الصحراوية.
ـ هل هناك آفاق مستقبلية واعدة لمستموها خلال الزيارة الملكية؟
هذا أمر لاشك فيه لأن الزيارة وضعت على سلم الأولويات إعطاء الانطلاقة للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية بما معناه أن النموذج التنموي يعد رؤية متكاملة للنهوض بالأقاليم الجنوبية والارتقاء بها من خلال وضع أسس قوية لتحقيق إقلاع اقتصادي متكامل ومندمج ويأخذ بعين الاعتبار حاجيات المنطقة في مجال توفير فرص الشغل خصوصا لفئات الشباب. كما أنه أيضا يعمل على القطيعة مع اقتصاد الريع ويقوي الحكامة الرشيدة ويحترم النظام البيئي ويدعم ويشجع الخصوصيات الثقافية والتنوع في إطار الثقافة المغربية الواحدة والموحدة، إضافة إلى أن النموذج التنموي جاء بعد القيام بتقييم شامل للمسار التنموي السابق للأقاليم الجنوبية مما يعطي طابع الاستشراف والقدرة على الاستدامة.
ـ ما هي انتظارات ساكنة الصحراء؟
من الطبيعي جدا أن تكون لها انتظارات وهذه الانتظارات لا تقل عن انتظارات ساكنة الأقاليم الشمالية، ولكن ما يجب أن يعرفه الجميع أن الانتظارات وليدة الحركية التنموية التي تعرفها الأقاليم الصحراوية فلو لم تكن هنالك تنمية لما كانت هنالك حاجيات أصلا ولما كانت هنالك انتظارات. والأكيد أن هذه الانتظارات تتوزع بين البحث عن الشغل للشباب والسكن وملف العائدين إلى أرض الوطن .... ولكن كل هذه المطالب يجب أن توضع في إطارها الطبيعي كمطالب اجتماعية مشروعة بعيدا عن أي مزايدة سياسية أو محاولة لتوظيفها من أجل التقليل من أهمية المكتسبات الهامة التي تم تحقيقها لحد الساعة والتي يجب أن تشكل رأس مال للاعتماد عليه والاستفادة منه في أفق الوصول إلى غايات وتطلعات كل المواطنين، ولتي يجب أن يتم التعبير عنها في إطار الإجماع التام حول القضايا الوطنية التي لامجال للمزايدة عليها.