مراقبون بيئيون يدعون إلى مراقبة الكميات المستهلكة للمياه في "الحَمَّامَات"

مراقبون بيئيون يدعون إلى مراقبة الكميات المستهلكة للمياه في "الحَمَّامَات"

لن نجانب الصواب إن أكدنا مرة ثانية أن فواتير الماء قد ألهبت جيوب المواطنين، وخصوصا الفئات المتوسطة الدخل والفقيرة، حيث أن تسعيرة الاستهلاك والنفقات الشهرية لمادة الماء لا تتماشى قياسا مع ما يتم هدره من مياه صالحة للشرب بشكل عشوائي دون حسيب ورقيب من خلال استغلال آبار خاصة تستهلك مياهها في سقي فضاءات رياضية أو حدائق الفيلات الفخمة، فضلا عن الاستعمال المفرط للمياه غير المراقبة بالحمامات الشعبية بمختلف المدن المغربية .

إن مسألة إهدار المياه واستنزاف الفرشة المائية بواسطة الآبار التي تزود الحمامات بالماء، إشكالية ذات أهمية كبيرة بيئيا، وجب على القطاعات المعنية تقنينها والحد من استغلالها من طرف ملاكي الحامات الشعبية دون تقديم خدمات ترقى للاستغلال المفرط لهذه المادة الحيوية. ويتساءل العديد من المهتمين بالجانب البيئي والمحافظة على الماء الصالح للشرب قائلين: "ألا يمكن مراقبة الكميات المستهلكة وفوترتها حتى لا يبقى الاستغلال متسيبا وعشوائيا؟" و"ما هي الإجراءات التي تقوم بها القطاعات المعنية تجاه الآبار المستعملة بالحمامات الشعبية حتى تتقيد باستهلاك يخضع لمقاييس منطقية ذات مردودية على كل المستفيدين؟" و" ما هي المساهمة والخدمة التي يقدمها أرباب الحمامات الشعبية للرقي بفضاءات الاستحمام والعاملين بها"؟

يرى بعض المهتمين أن مالكي الحمامات يستفيدون من تراخي مسئولي القطاعات المعنية وتواطئهم والتعامل مع الإشكال المطروح بـ "عين ميكة" على مستوى جانب تقنين الكميات المفرطة التي يتم استهلاكها يوميا من مياه، وخصوصا بعد اجتياح شبح الجفاف وتقلبات المناخ التي تندر بسنوات جافة، ويخترق هذا التعامل السلبي كل القطاعات بما فيها مفتشية الشغل والضمان الاجتماعي والصحة.. "فإن كان مالك الحمام يستفيد من مياه الآبار مجانا و"المياه" ثروة مشتركة بين المواطنين وتسهر على تقنينها الدولة، فلزاما عليه أن يسدي خدمات مقابل مجانية الاستغلال"، يقول أحد المواطنين، مضيفا "كل العاملين بمرافق الحمامات الشعبية غير مقيدين بلوائح الضمان الاجتماعي ولا يستفيدون من التغطية الصحية ويتم استغلالهم كالعبيد... لا يتقاضوا أي راتب شهري مقابل خدماتهم (تنظيف أرضية الحمام، نقل الأخشاب، تسخين أرضية الحمام...).. الزبناء هم من يقدمون لهم بعض الدريهمات مقابل الاستحمام والتنظيف وجلب الماء وتكميد عظامهم في صورة جد مذلة للإنسان"...

من هنا يؤكد أحد الفاعلين الجمعويين على أن هذا الهدر والاستغلال المجاني والمفرط للماء بالحمامات الشعبية يجب أن ينعكس إيجابا على العاملين بفضاءاتها ومرافقها من خلال وضع دفاتر تحملات تنص على الحقوق والواجبات للمالك وللمشتغلين والزبناء: "استغلال بئر بحمام معين يجب أن يقيد بشروط قانونية تضمن كافة الحقوق للكسال والساهر على تسخين المرافق وتزويد الفرن بالأخشاب والمنظف والقائم على حراسة حاجيات الزبناء"، خصوصا يضيف ذات المتحدث أن "تسعيرة الاستحمام تخضع للزيادات والإقبال على الاستحمام يضمن مدخولا محترما للملاكين".

رأي آخر لمواطن يستغرب لبعض مرافق حماماتنا الشعبية قائلا: "مواصفات بعض الحمامات البيئية والهندسية والمعمارية لا تكفل الحدود الدنيا لشروط الولوج والنظافة والتجهيزات...  دلاء متسخة وصنابر وضعت بشكل عشوائي... ومرافق صحية لا تلبي شرط الاستعمال". مطالبا "بالمراقبة والمحاسبة من طرف القطاعات المعنية لضمان الحد الأدنى المقبول لتحصين مرفق شعبي له طقوسه التراثية وارتباط تاريخي وجب تثمينه وتحصينه وحمايته بيئيا واجتماعيا وصحيا".