حميد العماري: بتدشين الملك لمشروع "نور"، المغرب يعلن مبكرا انخراطه في قمة المناخ كوب 22

حميد العماري: بتدشين الملك لمشروع "نور"، المغرب يعلن مبكرا انخراطه في قمة المناخ كوب 22

أعطى الملك محمد السادس بتدشينه لمحطة "نور 1" بورزازات الانطلاقة لمشروع كبير من نوعه، وطنيا وعالميا، يهدف إلى توفير أكثر من 42% من حاجيات المغرب من الطاقة الكهربائية.. حيث سيمكن هذا المشروع، من خلال هذه المحطة، ومحطاته الثلاث الأخرى نور 2 ونور 3 ونور 4 في مستقبل قريب، من تزويد  مليون بيت مغربي من الطاقة النظيفة، حسب الوكالة المغربية للطاقة الشمسية. ولمناقشة هذا الموضوع التقت "أنفاس بريس" بالدكتور الباحث حميد العماري، رئيس "مختبر الطاقات المتجددة، البيئة والتنمية" بكلية العلوم والتقنيات بجامعة الحسن الأول بسطات، وأجرت معه الحوار التالي :

+ بداية ما هي قراءتك  لحدث تدشين مشروع "نور 1" من طرف الملك بورزازات؟

- المغرب مقبل على تحديات كبيرة من أجل تخفيض فاتورة مكلفة للطاقة في أفق 2020، وبالتالي فرهانه يتركز في هذا المجال على إنتاج الطاقة من مصادر نظيفة صديقة للبيئة من شمسية وريحية وكهرمائية، وهي مكونات ثلاثة لطاقات متجددة، وتجعله رائدا في هذا الميدان على المستوى القاري والأفريقي. وهذا التوجه هو ضرورة واختيار في نفس الآن، بالنظر لاستنزاف الطاقة وتأثير ذلك على المناخ، والذي سيتشرف المغرب باستقبال قمته كوب 22 في نونبر المقبل.. حيث أعلن المغرب مبكرا انخراطه فيه. بتدشين الملك محمد السادس كما تعلمون بنواحي ورزازات محطة نور 1 والتي تدخل في إطار مشروع كبير يتكون من ثلاث محطات أخرى يمكن عرضها كالتالي: نور 1 على مساحة 480 هكتار لها قوة تخزين تمتد لثلاث ساعات تمكن من استعمال الطاقة بالليل وفي وقت الذروة.. أما نور 2 فمساحتها 680 هكتار مع إمكانية تخزين الطاقة الشمسية المركزة لأكثر من ثلاث ساعات.. ونور 3 من مساحة 750 هكتار بقوة تخزين تفوق ثلاث ساعات كذلك.. أما محطة نور 4 فسوف يتم إنجازها بالاستعانة بتكنولوجيا الخلايا الشمسية التي يحول فيها ضوء الشمس إلى كهرباء. ويهمني أن أشير بأن المغرب بلد فلاحي، وقد تم  منذ عقود سن خطط لمواكبة وضعه هذا، وذلك بالإعلان عن برنامج السدود لتخزين الماء لتمكين الفلاحين من هذه المادة الحيوية.. وها هو اليوم يعلن عن برنامج جديد ووازن يتعلق باستغلال الطاقة الشمسية وتخزينها لأغراض التنمية الاقتصادية وما تخلفه من إيجابيات على مستوى التنمية البشرية للساكنة ككل، والفلاحية منها على الخصوص، وهو ما خلق نوعا من الدينامية في هذأ الشأن طالت عدة مجالات، وخصوصا مجال التكوين والبحث العلمي، حيث بات يحفز ويستقطب اهتمام الطلبة، وبدأت الدولة تخصص لهم منحا مهمة في برنامج البحث في الطاقة الشمسية.

+ تم إنشاء مختبر للبحث في الطاقة الشمسية والطاقات الأخرى بكلية العلوم والتقنيات بسطات، حدثنا عن إسهامات هذا المختبر في مجال البحث عن الطاقة الشمسية؟

- نعم لقد قمنا قبل 10 سنوات، في إطار المختبر الذي ذكرت، باختراع وإخراج السيارة التي تسير بالطاقة الشمسية، وانتقلنا بذلك من المجال النظري إلى المجال التطبيقي.. ويرجع الفضل في ذلك إلى "معهد البحث حول الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة  المعروف بـ (إيريسين)" التابع لوزارة الطاقة، والذي دعم المختبر ماديا ومعنويا، ومول جميع نماذج السيارات التي تعمل بالطاقة الشمسية بالمغرب.. وبالتالي ساهم في إبراز مهارات وكفاءات الطلبة المغاربة مقارنة مع طلبة من جامعات أجنبية. كما أن تجربة المختبر مكنته أيضا من المشاركة في جميع التظاهرات التي تدور حول الطاقة الشمسية.. وكانت آخرها التظاهرة التي نظمت بورزازات، حيث شرح فريقنا للحاضرين وخاصة للأطفال مختلف البيانات المتعلقة بالسيارة التي تستعمل الطاقة الشمسية. وأسجل هنا لقطة طريفة وقعت لي والطائرة تحلق بنا بشكل لولبي فوق ورزازات الجميلة وبين جبالها الخلابة في رحلة عودتنا إلى مطار محمد الخامس، حيث جمعت اللقطة بين سد المنصور الذهبي ثم محطة نور للطاقة الشمسية، وتراءى لي في لحظة تأمل للمشهد بأننا نحلق فوق حقبتين زمنيتين، بين حقبة الملك الراحل الحسن الثاني صاحب مشروع تخزين المياه عبر السدود وبعده الملك محمد السادس صاحب مشروع استغلال وتخزين الطاقة الشمسية، وانتابني شعور باهر وعميق الدلالة بين ما يشكله الماء والطاقة من تكامل وانسجام.. كما أن المغرب بالنظر إلى موقعه الجغرافي ومؤهلاته الطبيعية يمكن أن يلعب دورا كبيرا وفعالا في ميدان الطاقة النظيفة.

+ لكن كيف يمكن أن ندخل  الطاقة الشمسية في استهلاكنا العادي وفي حياتنا اليومية؟

- الجواب أختصره لك في ستة مشاريع نقوم بالبحث فيها الآن بتنسيق مع مركز البحث والدراسات التابع للتعليم العالي ومعهد (إيريسين) الذي ذكرته قبل قليل، والهدف الرئيسي من هذه المشاريع هو الوصول إلى إدخال الطاقة الشمسية إلى المستهلك المغربي، ولكن عبر منتوج مغربي كذلك.. ويتعلق الأمر بـ :

1- المذبذب الكهربائي أو"المودلير" الذي ندخل به الكهرباء المتأتية من الشمس إلى البيوت والمنازل،

2- سخانات الماء الشمسية حتى تكون في متناول جميع الشرائح الاجتماعية وغير مكلفة ومن دون مخاطر،

3- دراسة مشتركة مع 20 مؤسسة للتعليم العالي وجامعة الفاضي عياض هي المنسقة لكيفية ملاءمة تكنولوجيا الطاقة الشمسية المناسبة لكل منطقة بين مثلا المناطق الساحلية والجبلية، والتي ليست لها نفس التفاعل في تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء،

4- تحلية المياه بالطاقة الشمسية، ويتعلق سواء بالمياه المالحة للفرشة المائية أو مياه البحر وتطوير منظومة في هذا الميدان لفائدة الفلاحين الذي يشتكون من ملوحة الفرشة المائية،

5- تطوير السيارة الشمسية وعقد المختبر في هذا الشأن شراكة مع شركة من كندا لإنتاج 50 وحدة أو نموذج لهذه السيارة لفائدة كينيا، ونسعى إلى تطوير المنتوج محليا على مستوى المغرب من 30 إلى 50 نموذج سيارة شمسية ستخصص لبعض الدواوير في إطار فك العزلة عن العالم القروي، حيث تقل المواصلات ووسائل النقل، وهي مثل نماذج السيارات الخفيفة الشمسية التي نشارك بها في السباق السنوي الذي ينظم بين بنجرير ومراكش للسيارات الشمسية، وهذه السيارات يمكن أن تشكل خزانا ومحطة شمسية حتى للمدرسة القروية وتساهم في تجويد أدائها،

6- مشروع استعمال الطاقة الشمسية لتحويل النفايات إلى طاقة "بيوغاز"، وهي تجربة تنجز على مستوى مدينة سطات لتحويل نفاياتها إلى أسمدة فلاحية .

ويمكنني أن أضيف إلى هذه المشاريع الإنجاز الذي نقوم به حاليا على مستوى جامعتنا الحسن الأول بسطات، والتي نراهن على أن تكون كل مكوناتها في متم السنة المقبلة تعمل بالطاقة الشمسية، وبالتالي تعميم التجربة التي طبقناها بكلية العلوم والتقنيات في إطار ترشيد استعمال الطاقة والتخفيف من كلفتها.