يوسف سعود: لم يعد مقبولا حجب الخدمات الهاتفية عبر الأنترنيت، والتراجع عنه خطوة صائبة

يوسف سعود: لم يعد مقبولا حجب الخدمات الهاتفية عبر الأنترنيت، والتراجع عنه خطوة صائبة

عكس بلاغ حظر الاتصالات الهاتفية عبر تطبيقي "واتساب"، و"سكايب" الذي أصدره الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، منذ أكثر من شهر، تم أمس الأربعاء عودة الخدمات الهاتفية المجانية، دون أن تكلف الوكالة نفسها وتعلن ذلك للرأي العام، وهو ما يبين المأزق القانوني الذي وضعت فيه الوكالة نفسها بتحريض من شركات الاتصالات الثلاث، إذ أصبح من المتجاوز وضع حدود وقيود على استغلال الشبكة المعلوماتية في التواصل عبر العالم، وكان هذا القرار قد خلف استياء واسعا من قبل المواطنين الذين يستعملون هذه التقنية في التواصل صوتا وصورة مع أقربائهم داخل المغرب وخارجه..

"أنفاس بريس"، اتصلت بالزميل يوسف سعود، الصحافي المتخصص في تكنولوجيا المعلومات، قصد استفساره عن استئناف الاتصالات الهاتفية عبر الأنترنيت، فكان تصريحه على الشكل التالي:

"ليست هذه المرة الأولى التي تعمد فيها شركات الاتصالات إلى حجب خدمة الصوت المرتبطة بـ voip فقد حاولت شركات الاتصالات بعد سنوات من سن قرار أصدرته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات عام 2004 يمنع استغلال هذه التقنية بالنسبة للمستخدمين العاديين، لكن التطبيق الجزئي للحجب (تطبقه شركة دون أخرى)، وكذا ضعف استخدام التطبيقات المرتبطة بهذه التقنية، حال دون الاستمرار في العمل بالقرار.

نفس المشهد يتكرر اليوم، لكن بزخم أكبر.. فلحدود الساعة تفاصيل رفع الحجب غير معلومة، والشركات لا أعتقد أنها ستتواصل لتوضيح التراجع، وذلك في انتظار خروج الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات للمرة الثانية، وكما دافعت عن الشركات في قرار الحجب، يجب أن تتواصل سواء من أجل "التبرير" أو "لوم" الشركات لعدم انضباطها للقانون.

وهناك معطى لا يجب إغفاله، قد يبدو هامشيا، لكنه مهم جدا في قراءة قرار التراجع، وهنا نتحدث عن وقف حجب الخدمات مباشرة بعد اجتماع لمجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، ترأسه رئيس الحكومة، وحضره العديد من الوزراء، إذ لمح البلاغ الصادر عن الاجتماع إلى مناقشة مجموعة من النقاط تتعلق بقطاع الاتصالات دون تحديدها.

وعلى العموم، قرار التراجع، طبيعي جدا، لأنه قرار صائب، حيث لم يعد مقبولا في عالم البيانات الضخمة، أن تحجب خدمة هي حق مشروع، مهما كانت التبريرات الاقتصادية والأمنية والقانونية و... التي تروج لها الشركات والدولة، فعوض اللجوء للحلول السهلة، كان من الأفضل البحث عن حلول ذكية، تمكنها من تطوير خدماتها وكذا ابتكار خدمات أخرى ذات قيمة مضافة، بعيدا عن الخدمات الأساسية (الصوت البيانات...)، وهناك الكثير منها، وهي قابلة للتطبيق وعملية، منها ما هو معمول به في بلدان عديدة.

وباختصار، قرار التراجع، وما صاحبه من تفاعل، يستدعي إعادة النظر في النصوص القانونية المنظمة لمجموعة من الخدمات المرتبطة بالإنترنت، حتى لا نعيد نفس الوضع، وبالتالي تجنب "استغلال" شركات الاتصالات للقانون من أجل حجب أو منع خدمة معينة، وهو ما سيساعد على توفير بيئة رقمية مناسبة لتطوير الاقتصاد الرقمي، الذي ينبض بالخدمات المرتبطة بالإنترنت، وتمثل الشريان الرئيسي الذي يحركه".