أعلن رسميا الجفاف بالمغرب. والحكومة انتظرت تعليمات الملك لرئيسها ووزيره في الفلاحة كي تتحرك. وقد سبق أن باشرت منظومة تأمين يخص قطاع الفلاحة غير متوافق حولها، وحيثياتها ستكشف الكثير من المستور، والسنة سنة جفاف. والإعلام العمومي يتغاضى ويقدم مشاهد أخرى غير متجانسة حول وضع الوطن. والفلاح ينتظر القدر، وطال انتظاره لقدر السماء لعلها تمطر، وهو الآن ينتظر أيضا قرارات الدولة.. وقد يطول انتظاره.. لعلها تعمل على دعمه ودعم ماشيته ودعم أطفاله ودعم جهده الذي قد يذهب هباء مع ريح الخريف و الشتاء الغير ممطر.
تكهنات ومؤشرات المحللين والمؤسسات المعنية بالظرفية بما فيها المندوبية السامية للتخطيط تقول إن معدل التنمية لن يتجاوز هذه السنة 1.3. معدل هزيل يبطل كل ادعاءات مشاريع التنمية بالوطن، ويؤكد أننا بلد تقليدي واقتصاده مرهون برحمة السماء وعشوائية المناخ وشيء من الريع... لا شيء تغير في الوطن. فالتداعيات هي نفسها منذ توالي سنوات الجفاف والسنوات العجاف، وحتى مشروع سدود الحسن الثاني لم يبلغ رشده ولا أشده ولا نتائجه المرجوة.
هذا وضع مفروض بحكم المناخ والظرفية والقدر. وتدبير أمر السلامة الغذائية، وتأمين الفلاحين وتأهيل الاقتصاد مرهون بالحكومة. وهذه مهمتها الأساس. لكن المعادلة تتعقد هذه السنة بحكم أنها سنة انتخابية. فكيف ستتعامل الحكومة مع عنصر الجفاف الذي انضاف بغثة إلى عناصر المعادلة المعقدة أصلا؟
هناك احتمالان:
1- الحكومة ستعتبر أن الأمر يتعلق بالمواطن و بالفلاح الفقير بالبوادي، وبالاقتصاد الوطني وبأمن الوطن، وتأخذ الأمر بجدية، وتجعل من تدخلاتها شأنا وطنيا عاما وفق مقاربات مندمجة ومسؤولة، بعيدا عن حسابات سياسوية وانتهازية. وهذا أمر صعب و مؤجل الاحتمال إذا رجعنا إلى الكثير من الملفات والقضايا السابقة التي لم يتم التعاطي معها وفق ذلك المنهج.
2- أو أن الحكومة ستعتبر القدر السماوي قد ساق لها هدية أخرى من السماء كي تسيس المشهد وتدعي إنقاذ العباد من الكارثة التي كانت ستصيبهم لولا القدر الإلهي الذي نصبها بالضبط وبالحكمة اللازمة لإنقاذ الدولة والمجتمع والمواطنين. وستمن مرة أخرى على الرأي العام والخاص بكونها صاحبة الحكمة في إيجاد الحلول والإنقاذ من الضلال والغي وسوء التدبير -حتى تدبير قدر السماء- وستراهن على فقراء البوادي والوطن من أجل كسب المزيد من الامتيازات لشركائها في الكعكة، وفي كسب أصوات ستحتاجها قريبا في شهر أكتوبر القادم.
لا أود أن أحكم على النوايا، لكني أشكك كثيرا في سلامة وسلاسة ما سيتخذ من تدابير وأجرأة لقرارات قد تكون أيضا، وبدورها، حقا وحقوقا يراد بها ولها الباطل.