يبدو أن عملية شد الحبل بين الحكومة و الأساتذة المتدربين بلغت أشدها و منتهاها ، فبعد الاجتماع الذي ترأسه والي الرباط " وزارة الداخلية " ، نيابة عن كل أعضاء الحكومة المعنيين بالموضوع ، اتضح أنه أصبح من الصعب أيجاد مخرج للأزمة في الوقت المناسب قبل إعلان سنة بيضاء بمراكز تكوين الأساتذة . فالحكومة لا زالت تتشبث بالمرسومين في عناد بين و كأنها تدفع بالأمور إلى التفاقم ، و تربح بذلك التحديات والجولات كلها ، و تحتفظ حتى ب 7000 منصب الموعود بها . الحكومة من خلال سياساتها تغامر بكل شيء من أجل تثبيت الأمر الواقع ضدا على الجميع ، وليس هذا هو الملف الأول ، فمن صناديق المقاصة إلى ملفات التقاعد إلى غيرها ..، مركزة صولاتها و عنترياتها على الطبقات الشعبية ، و غاضة الطرف على ملفات الفساد ومتابعة أبطاله و ملفات المأدونيات و المقالع و غيرها من " الهمازي الكبيرة " التي تتحاشى الاقتراب من عرينهم.
لكن ما لا تريد أن تراه الحكومة و مهندسي سياستها التفقيرية ، هو المغامرة التي تسير بها و إليها و بسرعة جنونية . فأولا ، وإذا أصر الأساتذة المتدربون على تسطير محطات نضالية متصاعدة و الخروج إلى الشارع في هذا الظرف المشحون ، و إذا "لا قدر الله " انفلتت الأمور و أوصل العنف والمنع إلى مأساة ، فالنتيجة ستكون كارثية على الجميع ، ولن تجد الحكومة يومها مخرجا غير الرضوخ لطلبات ومطالب أخرى أكثر تحد و أكثر جذرية قد تفاجئ الجميع . كما أن السيناريو الثاني ، وهو إعلان سنة بيضاء بالنسبة لمراكز تكوين الأساتذة ، سيقود إلى إفلاس المنظومة التربوية القريبة من الإفلاس أصلا . وبذلك ستدق الحكومة النعش الأخير في ملف المدرسة العمومية . فالخصاص الكبير الذي يسجل في عدد أساتذة الأقسام مرتفع ، وحتى 10000 أستاذ متدرب كمجمل - لن يسد الخصاص و الطلب ، خصوصا إذا اعتبرنا العدد الكبير من طالبي التقاعد النسبي برسم الموسم الدراسي المقبل ، هربا من تسونامي منظومة التقاعد الجديدة.
لم يبق إذن وقت كثير للمناورة و تحدي الواقع والمزايدة وركوب المغامرة من قبل الحكومة ومهندسيها ، فالضربة القاضية قد تكون في اللحظات الأخيرة من المباراة ..و تلك هي المصيبة.