إعلان مراكش حول حقوق الأقليات غير المسلمة في الدول المسلمة

إعلان مراكش حول حقوق الأقليات غير المسلمة في الدول المسلمة

تعيش مدينة مراكش منذ بداية الأسبوع  حدثا متميزا  يتعلق  بانعقاد مؤتمر في موضوع "حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية ، الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة"  تشارك فيه  وفود مختلف الديانات  الإسلامية  والمسيحية واليهودية من جميع بقاع العالم ، وقد تلا في البداية الرسالة الملكية الصادرة  بمناسبة المؤتمر  وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق   حيث ذكر ت بمرجعية الموضوع المتمثلة في أولا  القرآن الكريم الذي يعلن تكريم الله للإنسان  كما اقتضت مشيئته في أن يخلق الناس مختلفين في أديانهم على نحو ما هم مختلفون في ألوانهم ولغاتهم وأعراقهم  وهو ما وطن في نفوس المسلمين قبول التعددية، أما المرجع الثاني هو سنة رسول الله (ص) والتي شرحت القرآن الذي أوصى باليهود والنصارى ودعا إلى حقن دماء الرهبان  والعباد المنقطعين في الصوامع في حالات المواجهة، وأقام الرسول معاملات مع اليهود وأسس معاهدات  وحماية الكنائس وعدم مضايقة أهلها وأقر الزواج بالكتابيات، وتطرقت  الرسالة الملكية بأنه على مستوى المغرب فقد عرف  نموذجا حضاريا متميزا في مجال التساكن  وتفاعل المسلمين  مع أهل الديانات الأخرى ولاسيما اليهود والنصارى  ومن العهود المشرقة في هذا التساكن  ما أسفر عنه الإرتقاء على صعيد بناء الحضارة المغربية الأندلسية.

وأكدت الرسالة بأن الملك في المغرب بصفته أميرا للمؤمنين،وحامي حمى الملة والدين قطع على عاتقه حماية حقوق المسلمين وغير المسلمين على السواء حماية تحمي حقوقهم  كمتدينين بمقتضى مبادئ المرجعية الثابتة  وحمايتهم كذلك كمواطنين بمقتضى الدستور ولا نجد تفريقا في ذلك حسب المقاصد والغايات.

 وبينت الرسالة بأن المغرب كان سباقا  إلى الحوار بين الأديان، فغداة استقلاله 1956 كان ينظم كل سنة بدير "تيومالليين "وهو في جبل بجهة مدينة فاس، وكان به رهبان،  ويجتمع به مثقفون ومفكرون  ولاسيما من المسلمين والمسيحيين، وكانت تحضره شخصيات وازنة من أمثال المفكر المسيحي الشهير"لويس ماسينيون"، وأوضحت الرسالة بأن تدبير الشأن الديني في المغرب في الوقت الراهن يجعل من أهدافه الأساسية منع العبث بتأويل النصوص الدينية ولاسيما ما يتعلق بالجهاد الذي أصدر فيه علماؤنا بيانا قويا قبل أسابيع.

الشيخ عبد الله بن بية، رئيس  منتدى تعزيز السلم بالمجتمعات المسلمة :

 لقد أصدر كتيبا سماه "صحيفة المدينة "، وضع فيه ورقة تأصيلية لمؤتمر الأقليات غير المسلمة  طرح فيه سؤالا حول هذه الأقليات بالديار الإسلامية  والتي  صار واجبا التعامل معهم باعتبار أن المجتمعات المسلمة بحاجة إلى قراءة جديدة لمكوناتها  ونسيجها الوطني في سياق الواقع وعلى ضوء الشرع، وذلك انسجاما مع السياق الدولي ورعيا للضرورات التي ينطلق منها  منطلق المعالجة من باب مطالبة النفس بأداء الحقوق اعتمادا بالمقاصد والكليات القائمة على المصالح والحكمة وتوفير السلم  وذرء الغبن والظلم.

وأشار الشيخ بأن  مسيرة الجواب على هذا السؤال شرع فيها مع بداية الاحتجاجات في العالم العربي التي أخذت  تخرج عن سكة العقل والنبل والفضيلة  والمصلحة ، وقد شارك مجموعة من العقلاء والحكماء في هذه المسيرة ابتداء من نواكشوط سنة 2012  ثم تونس في نفس السنة   وتعزز ت المسيرة التي كانت طموحها أكبر  بعقد مؤتمر في موضوع الأقليات تجتمع فيه كل الديانات  والطوائف  والأقليات بعدما تم تأسيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في د ولة الإمارات العربية المتحدة  وتأكد العزم والاستمرار في المسيرة بانعقاد مؤتمر  مراكش الحالي.

 و تلا رئيس المنتدى 11 مبدإ من مبادئ المؤتمر المؤسسة لإعلان مراكش  تحت عنوان نريد أن نقول للعالم :

كفى من الدماء والصراع على البقاء فلن يؤدي ذلك إلا إلى الغناء لنتعاون جميعا على البقاء ، أما اتهام الإسلام بظلم الأقليات ليس له مستند في الشرع ولا في التاريخ، إن الأعمال التي مست الأقليات كما أصابت الأكثريات بدون تمييز في الأذى مع تنوعها من قتل وتهجير وإحراق وتشريد لا نتجادل معها لأنها أعمال عصابات إجرامية انتحلت إسم الإسلام  واسم الخلافة واسم الأمة  واسمها في الحقيقة الفئة المحاربة ، كما أن كل هذه العناوين باطلة  وما بني عليها فهو باطل، إن مسيحيي الشرق وجدوا ليبقوا وولدوا ليحيوا  وهم أصل من أصول شجرة هذه المنطقة ،  نسعى إلى أن نشارك الأكاديميين والعلماء من كل الديانات في وثيقة تاريخية يمكن أن تكون أصلا من أصول المفاهيم المعاصرة للمواطنة ، نريد أن نقول أن المواطنة الدستورية التي لا أكثرية فيها ولا أقلية بالمعنى الذي يؤدي إلى الغبن  مواطنة تخضع إلى تعاقد يتيح الحرية ويضمن السلم الاجتماعي الأساس الصحيح والمقبول ديانة ومصلحة ، نريد أن نقول لكل الديانات دعونا أن نكون حلفاء للسلام  سلم القلوب والنفوس الذي يوجه السلوك إلى فعل الخير ، ونريد الإعلاء من شان الإنسان في كل مكان ، نريد أن يتوقف القتل والجريمة  ونقول لا للاحتراب والإرهاب ، نريد أن يتوقف الظلم  وأن تستفيق الضمائر لإحقاق الحقوق ، نريد أن نشكر أمير المؤمنين الذي جعل من المغرب نموذجا للسلام والتعايش السعيد.