عندما قاد انتهاك الحق في الصحة بوزان إلى ارتفاع منسوب الاحتجاج

عندما قاد انتهاك الحق في الصحة بوزان  إلى ارتفاع منسوب الاحتجاج

" قيامكم بتصرفات وسلوكات غير لائقة  تجاه المواطنين بصفة عامة ، مما نتج عنه احتجاجات ساكنة منطقة زومي بمختلف شرائحها التي أصبحت تهدد الأمن العام " ، كانت هذه واحدة من الحيثيات التي اعتمدها وزير الصحة في تعليله لقرار " التوقيف الاحتياطي عن العمل" - تتوفر الجريدة على نسخة منه - الصادر في حق طبيب المركز الصحي مع وحدة التوليد بزومي .

أسباب غضب أبناء قلب قبيلة بني مستارة، وارتفاع وتيرة احتجاجهم الذي انفلت من كل تحكم يوم الاثنين 29 دجنبر 2015 ، كان من تداعياته بالإضافة إلى التوقيف الاحتياطي للطبيب المذكور وإحالته على المجلس التأديبي ، اعتقال ثلاثة شبان رمي بهم وراء قضبان سجن وزان المحلي ، في انتظار أن يجيبوا هيأة المحكمة الابتدائية بوزان يوم الخميس 22 يناير الجاري عن صك اتهام ثقيل جاء فيه " الهجوم على الملك الخاص والعام ، والتهديد ضد الأشخاص والأموال ، وإهانة موظف عمومي أثناء قيامه بعمله " .

وحسب ما أفادت به الجريدة مصادر مدنية تتابع هذا الملف عن قرب ، فإن رأي فعاليات مدنية وسياسية استقر على تشكيل" لجنة مساندة المعتقلين" ووضعت برنامجا للتحرك على أكثر من واجهة ، كما علمت "أنفاس بريس" من مصدر موثوق ، بأن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالشمال ، وبعد أن ضمنت خلاصات عملية التقصي التي أنجزها عضوها بعين المكان يوم الخميس 31 دجنبر  ، قررت متابعة الملف من زاوية ضمان المحاكمة العادلة  ، وذلك كله في حدود الاختصاصات التي يخولها  ظهير فاتح مارس 2011 المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لهذه المؤسسة الوطنية الدستورية ( الفصل 161 ) باعتبارها مؤسسة للحكامة تعني بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها .

كل المؤشرات كانت تنبئ بأن إناء المركز الصحي بجماعة زومي ، الذي اختارت مندوبية الصحة بوزان ترك مائه يغلي فوق " مجمار "  تمادى طبيب في النفخ على نيرها ، وتحدى لمدة سبع سنوات كل الأصوات الشريفة التي كانت تدعوه للمصالحة مع قسم أبوقريط الذي دنسته تصرفاته وسلوكاته حين شق أكثر من مسار للوصول إلى جيوب المواطنين والمواطنات ، وانتهاك حقهم في الصحة الذي تحميه التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية ، إلى أن استفاقت كل الجهات إقليميا وجهويا ومركزيا حوالي منتصف النهار يوم الإثنين 28 دجنبر ، على تجمهر المئات من المواطنين والمواطنات يطالبون برحيل الطبيب السالف الذكر .

الحركة الاحتجاجية للساكنة ، وحسب أكثر من مصدر التقت بهم الجريدة ، ما كانت ستنفلت يوم الاثنين 28 دجنبر ، وينتج عنها تحطيم سيارة الطبيب وسيارة ممرض ، والهجوم على السكن الوظيفي للطبيب ، دون أن يطال الغضب الشعبي سيارة الإسعاف المركونة بقلب المركز الصحي وبناية وتجهيزات هذا الأخير ، لو أنه لم يمتنع " امتناعا باتا عن الامتثال للأوامر الإدارية المباشرة والمتمثلة في إعادة الانتشار  لضرورة المصلحة بموجب مقرر جهوي عدد 885 بتاريخ 22/ 12/ 2015 الشيء الذي تسبب في عرقلة السير العادي للمرفق العمومي " كما جاء ذلك في قرار التوقيف الاحتياطي الذي أصدره وزير الصحة .

عدم الامتثال للمقرر الجهوي السالف الذكر ، يفيد سياق نزوله بأن الطبيب المعني بالأمر ، وفي إطار الاحتراز الذي اتخذته إدارة الصحة بعد الوقفة الاحتجاجية الصاخبة التي دعت لها نقابة الصحة التابعة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل بتاريخ 25 ماي 2015 ، تنديدا بتعسفاته ضد الأطر الصحية العاملة بالمركز الصحي ، تم " ترحيله " مؤقتا للعمل بالمستشفى الإقليمي " أبو القاسم الزهراوي " بوزان  ، وهو القرار الذي استقبلته الساكنة بارتياح كبير .  لكن بعد طي ثلاثة أشهر ، يقول مصدر طبي ، سيقرر الطبيب العودة إلى المركز الصحي مع وحدة التوليد بزومي ، وهو ما شكل استفزازا قويا للساكنة وكل فعالياتها المدنية .

ولمواجهة هذا الاستفزاز ، تداول مجلس جماعة زومي في دورته يوم 18 دجنبر قرار السماح من جديد للطبيب باستئناف نشاطه بالمركز الصحي ، وقرر إجراء اتصال مستعجل في الموضوع مع عامل الإقليم ، ومندوب الصحة ( لم يزر المندوب المركز الصحي إلى يومنا هذا ، رغم ما عرفه من أحداث ) ، كما أن ثلاثة نقابات أصدرت بيانا ناريا استنكرت فيه هذه العودة المشؤومة ، ودعت إلى إلغائها . نفس المنحى سارت عليه المكونات المدنية والسياسية النشيطة بجماعة زومي .

بقي أن نسجل ما أجمعت عليه مختلف المصادر التي التقت بها الجريدة ، التي وصفت تعاطي مختلف القوات الأمنية التي انتقلت حيث كانت نيران الاحتجاج ملتهبة ، بضبط النفس ، والتعامل المسؤول ،  كما سجلت نفس المصادر بارتياح كبير اعتماد مؤسسة المجلس الجماعي رئاسة ومنتخبين ومنتخبات ، مقاربة القرب من الساكنة المحتجة مطالبين إياها ضبط النفس ، مما ضيق كثيرا من دائرة الخسائر وجعلها في حدها الأدنى.