لاشك أن كل مرتادي العالم الافتراضي، قد شاهدوا الموقف الأرعن الذي وقفه السيد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وهو يسخسخ وزيره في التعليم في قبة البرلمان، على الهواء مباشرة، بأسلوب فج لا يمارسه إلا أرباب الإقطاع في عهد الأقنان.. ولا شك أن هؤلاء قد شاهدوا أيضا كيف كذب السيد رئيس الحكومة وزيره في الداخلية، وهو ينفي ـودائما على الهواء مباشرةـ علمه بالتدخل الهمجي لقوات القمع فيما أصبح يعرف بالخميس الأسود.. ولا شك أن هذين الموقفين لرئيس حكومتنا السيد عبد الإله بنكيران قد توزعت بشأنهما المواقف، بين مؤيد، وغالبية هؤلاء هم ممن أصبح يطلق عليهم اسم "كتيبة الجيش الإليكتروني لحزب العدالة والتنمية" الذي هو دائما حاضر في تجميل ما فسد من عمل هذه الحكومة وهو كثير، وبين مستنكر مستاء من المظهر الذي ظهر به رئيس الحكومة، وهو يستقوي (باللسان) على وزيرين من حكومته، على رؤوس الأشهاد، بينما كان بإمكانه أن يفعل ذلك في مجلس حكومي أو وزاري إن استطاع، وليس بتلك البهرجة الفجة، التي أضحكت فينا الأصدقاء قبل الأعداء، الذين صاروا يتفكهون بحكومتنا، وينعتونها بحكومة الطوائف (شي تيشرق.. وشي كيغرب..؟؟)
وبالرجوع إلى المقارنة بين الطريقة التي قرع بها بنكيران بلمختار، والطريقة التي صور بها حصاد، كذابا.. نجد بنكيران قد حافظ على التربية التي تلقاها منذ أول عهده بالتتلمذ على يد الخلطي، رجل المخابرات المشهور في الثمانينيات من القرن الماضي، إذ لم يراع أي مقام اعتباري لوزيره في التعليم، وهو يسلخه أمام أنظار العالم، بينما استعمل أسلوب القسم، وهو يعلن عدم علمه بالتنكيل، الذي أوقعه الجلاد بالأجسام الغضة لأستاذات وأساتذة الغد.. والقسم كما نعلم هو أسلوب الضعيف في الغالب الأعم من الظروف والمواقف.. ولعله قسم الضعف الذي استشعره بنكيران، وهو يوجه خطابه لوزير القوات العمومية والذخيرة الحية.. وهو قسم الخانع الذي لا علاقة له بذاك القسم الذي أقسمه رئيس حكومتنا نفسه، بأن لا تراجع عن المرسومين، ولو أدى ذلك إلى سقوط الحكومة برمتها..
موقف القوة والضعف، متلازمان عند بنكيران.. هو دائما في موقف ضعف أمام القوي مهما كان حجم خطئه وفساده.. وهو بالمقابل دائما يبدي القوة أمام الضعيف، مهما كان على حق.. وفي هذه الحالة بالذات التي يستقوي فيها بنكيران على الضعيف، تجد أتباعه ومريديه من كتيبة حزب العدالة والتنمية، لا يتورعون عن وصف زعيمهم بالجرأة والشجاعة، وهو يرفع أسعار النفط، وأسعار كل المواد المعيشية، ويحرر الأسعار، ويلغي صندوق المقاصة، ويجمد الأجور، ويرفض الحوار في القضايا المصيرية للمواطن.. ويزيد بطريقة منفردة في سن التقاعد، مع الزيادة في الاقتطاع، والنقصان من المعاش.. وتجد نفس هؤلاء الأتباع ، وهم يلصقون بالملك تارة، وبالدولة العميقة والمخزن تارة أخرى، كل تقاعس أو جبن من رئيسهم، سواء فيما تعلق بالتنزيل الديمقراطي للدستور، أو بمحاربة فساد الحوت الكبير، صاحب مأذونيات الصيد في أعالي البحار والنقل، ومقالع الرمال.. والترامي على أملاك الدولة، والتهرب الضريبي... وذلك في موقف لا تقوى عليه إلا الحرباء...؟؟؟
قسمك يا رئيس الحكومة، في حالتي استقوائك على الضعيف، وجبنك أمام القوي ، يصدمنا نحن، أبناء الشعب المغربي، الذين بحت منهم الحناجر، وأدوا الثمن غاليا في سبيل إسقاط الفساد والاستبداد، فتكون النتيجة هي أنت يا بنكيران؟؟؟... تتجبر على خيرة أبناء الوطن بأن تعاكس آمالهم وأحلامهم، ولو كان ثمن ذلك سقوط حكومتك.. وفي هذه أيضا، أنت تعرف قبل غيرك أنك كذاب.. لأنك مستعد ـلو أتتك الأوامرـ بالدوران بثلاثمائة وستين درجة لفعلتها، ولا تبالي.. والأمثلة على ذلك كثيرة، لعل إحداها التبجح بإسقاط الهمة والماجدي، خلال حملة التصويت على الدستور، والحملة الانتخابية للبرلمان.. حتى إذا وصلت على أكتاف المغاربة الذين بعتهم الوهم، صار الهمة في نظرك رجل دولة لطيف، وصديقا حميما..؟؟ دون أن ننسى أيضا الموقف من مزوار وحزبه، الذي كنت تعتبر التشاور معه في تكوين الحكومة، خطا أحمر.. إذ لا تحالف ـكما كنت تتبجحـ مع الفاسدين، الذين كانوا يسرقون أموال الشعب، ويوزعونها بينهم على شكل منح وإتاوات..؟؟ وأشرتم إلى ذلك بالاسم، مجسدا في صلاح الدين مزوار وزير المالية الأسبق، والخازن العام للمملكة بنسودة..؟؟ وعندما جاءت الأوامر أصبح الفاسد حليفا وصديقا... ولمثل هذه المواقف أنت كاذب في قسمك...
ويصدمنا قسمك بأن ما وقع يوم الخميس الأسود (ما فراسكش ) كما قلت أمام البرلمان؟؟ الصدمة، أنك تضعنا أمام رئيس حكومة لا يتابع أخبار بلده؟؟ وليس له مستشارون إعلاميون..؟؟ إذ كيف يعقل أن تكون دماء الأساتذة المتدربين، قد عوضت تراب المغرب شح الأمطار، شمالا وجنوبا، وهو ما فراسوش؟؟
يصدمنا عنادك، وأنت تكابر وتقول أنك ترأس حكومة مسنودة من طرف الشعب، الذي زدت عيشته ضنكا على ضنك، وتطاولت بعنجهيتك على أكثر المجالات أمنا في حياته..
فأنت تعلم، والمغاربة يعلمون، أنك لست مسنودا إلا من طرف من صنعوا خميرتك منذ أواسط الثمانينيات، لتستوي على مهل، في ربيع مغربي حولته إلى خريف ذابل؟؟