مصطفى المانوزي: وزارة العلاقة مع المجتمع المدني تشتغل بمنطق مواجهة قيم التنوير

مصطفى المانوزي: وزارة العلاقة مع المجتمع المدني تشتغل بمنطق مواجهة قيم التنوير

نظمت مؤسسة عيون لحقوق الانسان ندوة فكرية تحت عنوان "حرية الجمعيات والتجمعات العمومية"، والتي تدخل في سياق حلقاتها الفكرية النصف شهرية تحت عنوان " حقوق الإنسان بالمغرب: قراءات في المسار واستشراف للمستقبل "، وقد افتتح الحلقة رئيس المؤسسة زهير أصدور والذي أشار في كلمته إلى السياق العام الذي تأتي فيه هذه الحلقات المتسمة بتراجعات حقوقية خطيرة، خاصة مع وجود حزب في رئاسة الحكومة على علاقة ضدية بالمعايير الكونية لحقوق الإنسان، وتأجيل كل مشاريع القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان إلى آخر السنة التشريعية، مع تسجيل تضامن مؤسسة عيون مع الأساتذة المتدربين في معركة المرسومين. من جهته عاد مصطفى المنوزي رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والانصاف إلى السياقات التاريخية لظهير الحريات العامة، والمتسمة بتوافقات بين القصر والحركة الوطنية من أجل بناء المؤسسات والدولة في مقابل الانتقال الديمقراطي وهو ما تم اجهاضه فيما بعد ليتم استئناف التوافق في مرحلة لاحقة فيما عرف بالتناوب الديمقراطي. وقد نوه المنوزي بالمغرب باعتباره من البلدان القليلة التي اشتغلت بمبدأ التصريح عوض الترخيص، وبالتالي يكفي بالتعبير عن النية عن التأسيس وبإيداع معطيات حول المؤسسين لدى السلطة المحلية مقابل وصل، ولكن لماذا هذا « الامتياز » يتساءل مع الحضور؟

إن الدولة آنذاك قد وضعت هذه القوانين المتعلقة بالتنظيم والتجمع والاجتماع والصحافة، مقابل «أن يضع المواطنون السلاح ويسلمونه للسلطة، وكل من يريد المشاركة في تدبير الشأن العام يمكنه القيام بذلك سلميا، وهذا ما يتطلب من الدولة، يؤكد المحاضر، أن تستحضر هذا السياق وهي تشرع وتعذل القوانين ذات الصلة، فمن شأن التشديد في وضع القيود والتراجع عن مبدأ التصريح وتحويله إلى مبدأ الترخيص كما حصل في قانون الأحزاب، من شأنه الدفع بالشبان إلى اختيار سبل أخرى للتعبير، خاصة في ظل صراع متوارث حول ملكية وتملك الفضاء العمومي . ويستنتج من هنا بأن كل التراجعات الحاصلة يهندس لها من قبل « العقل الأمني » وتنفذها الحكومة اللاحقة، وبالتالي فإن حكومة عباس الفاسي هي من هيأت قانون حصانة العسكريين، فكان أول قانون يخرجه « بنكيران » ويبرم به صك غفران لفائدة الجلادين المفترضين لسنوات الرصاص أو المقبلين، ونحن خارجين من الحراك الفبرايري، وفي ضوئه يبرم صفقة « له فيها مآرب أخرى » ، وكانت الفكرة القوية التي طبعت النقاش هي « التمويل » ، وفي هذا الصدد يؤاخذ المنوزي على الدولة ابتكارها السلبي لوزارة العلاقة مع المجتمع المدني، والتي تبين أنها تشتغل بمنطق مواجهة قيم التنوير، وبمقاربة أمنية ضيقة، بعلة التمويل الخارجي الماس بالسيادة، والحال أن السيادة الوطنية تم خرقها بالخضوع للإملاءات الدولية للمؤسسات والوكالات الرأسمالية الدولية .

ومن جهة أخرى ألح مصطفى المنوزي على ضرورة تفعيل توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، خاصة فيما يتعلق بضمانات عدم التكرار والأمن القضائي والحكامة الأمنية، باعتبارهم الطريق الوحيدة لضمان عدم تكرار أي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. من جهته أشار النقيب عبد الرحيم الجامعي إلى أهمية التمويلات في التضييق أو فتح المنافذ للجمعيات، وضرورة التوفر على مقاربة شاملة للشأن الحقوقي بمنأى عن الحسابات السياسية، فيما ذهبت أغلب التدخلات الأخرى إلى تسجيل التراجعات الحقوقية الخطيرة المسجلة في عهد هذه الحكومة، وضرورة تفعيل توصيات هيئة الانصاف والمصالحة. وفي النهاية اتفق الحاضرون على تكرار الحلقات الفكرية بشكل دوري وفتح نقاش أوسع في الشأن الحقوقي ببلدنا في افق بلورة تصور عام للنضال الحقوقي وافاقه.