يعرف المغرب حاليا احتقانا اجتماعيا حادا، وهو الاحتقان الذي لم تتمكن الأحزاب التقليدية الموجودة في امتصاصه سواء كانت أحزاب الأغلبية أو المعارضة.ونظرا للتآكل الذي تعرفه الوسائط السياسية العادية بدأ المراقبون يعدون العدة للانتخابات البرلمانية المقبلة لمعرفة من سيستقر عليه رأي أغلبية الناخبين، وهل سيعرف المغرب بدوره مثل إسبانيا واليونان وفرنسا بروز قوى سياسية عدمية أو ميكروسكوبية محل الأحزاب التقليدية.في سياق هذا الانشغال اتصلت "أنفاس بريس" بمجموعة من الفعاليات لمعرفة وجهة نظرها. في هذا الإطار ندرج رأي عبد المالك أحزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مكناس:
مما لا شك فيه بأنه أصبحت هنالك قيم مشتركة في العالم، كما يقع الآن في إطار العولمة والتي بسببها وقعت و تفاقمت المشاكل بالنسبة للرجل السياسي و هو ما أدى في النهاية إلى تواطؤ هذا الأخير مع المقاول في تدبير الاقتصاد وفي تدبير البيت الاجتماعي الآن، وهذا التحالف هو ما أدى كذلك إلى العزوف عن السياسة وجعل الأحزاب في أزمة عالمية كبيرة حتى لا أقول في المغرب فحسب انتشرت معها ظاهرة رفض وعزوف عن السياسة وعن السياسيين ، وهذه التفاعلات الجديدة أدت إلى نشوء وبشكل مستقل لما يسمى بالمجتمع المدني كقوة حرة بعيدة عن العالم السياسي الذي استفحلت فيه الأزمة كما ذكرت وحتى في الديمقراطيات البرلمانية التي لها تاريخ عريق في السياسة وفي الديمقراطية وقطعت تجارب وتراكمات لها في هذا الباب أصبحت تعرف تراجعا ملموسا حتى أن نخبها السياسية عند كل استحقاقات انتخابية لا تتجاوز نسبة الانتخاب عليها 10 إلى20 % من الساكنة، وهذا ما يعبر عن أوج الأزمة ، وما يقع عندهم يقع عندنا، فرغم قلة تجربتنا الديمقراطية ، فاللافت في خصوصيتنا أنها تتميز للأسف الشديد بإعادة الإنتاج السياسي لنخب قديمة عند كل موسم انتخابي، يعني بشكل آخر يتم ترميم وإعادة إنتاج الموروث السياسي القديم وهي ترجمة لما كان يعبر عنه بول باسكون "المغرب يجر دائما وراءه أواني التاريخ " وبالتالي فالملاحظ أن الطابع المخزني في السلوك السياسي للنخبة هو السائد، حيث تتصرف هذه الأخيرة كأن لم يكن هنالك دستور ولا عقلنة قانونية وسياسية في البلد ،وتبقى هذه النخبة على عادتها المخزنية التي تقوم على الرضى وعلى الوفاء وبعض القيم التي كانت في بعض الأنظمة القديمة التقليدية ، وقد نتج عن كل هذا ميل نحو العزوف ورفض لما يقع الآن ، ومن ناحية أخرى يطرح السؤال بالنسبة للإنتخابات التشريعية المقبلة، حول من سيتوجه إلى صناديق الإقتراع ؟ ومن سيتم التصويت عليه إذا كانت ستتقدم إليها نفس النخبة ونفس الأحزاب ونفس الخطاب السياسي ؟
هذا الخطاب السياسي الذي يوجد في وادي والنشاط العمومي في وادي آخر و يسير في اتجاه آخر لصالح المقاولين ولصالح نخب قليلة وأقلية على حساب المنفعة العامة ، ولنتصور كيف يكون السلوك المجتمعي تجاه الطبقة السياسية ل2016 وبعد هذه السنة؟!، سيكون الفراغ التام لأن التشاؤم أصبح كبيرا وأصبح بنية خاصة لدى الشباب الذين يبحثون عن المصير وعن محاربة البطالة وإعادة الاعتبار لهم ،فسمة التشاؤم هي التي فرضت وجود الحزب" الفيسبوكي "على الساحة السياسية في المغرب فما لا يقوله البرلمانيون بحكم تواطئهم يقوله الفيسبوكيون (باراكا علينا من تقاعد هاد الناس ، باركا علينا من أجور هاد الناس ) لأن التمثيلية البرلمانية لا معنىرلها أن تكون بأجرة وقد تكلم مفكرون في السياسة من أمثال مونتيسكيو وروسو في الموضوع سابقا وبينوا أن نواب الأمة ينبغي أن يوفر لهم المجتع ففط المصروف الملائم للإطلاع بمهامهم من تعويضات التنقل والمبيت وغيرها من الضروريات المعقولة ولكن أن يكون لممثل الأمة كما يحصل عندنا راتب ويكون لهذا الراتب ديمومة مدى الحياة اعتقد أن المجتمع لن يقبل هذا ،من هنا فإن الفيسبوك وتويتر بات قوة سياسية انبعثت في هذه الأيام و هو خطاب سياسي وتوجه جديد رافض للطبقة السياسية ككل وهذا هو الخطر ، فالأحزاب عوض أن تكون لبناء السياسات والمؤسسات أصبحت وظيفتها تقتصر على جمع الأصوات عند كل موسم انتخابي وانتهى الأمر أي تقوم هذه الأحزاب بجمع الأصوات لتأثيث المؤسسات وبعد ذلك يذهب الكل إلى حال سبيله ، حيث يأتي من بعدها فاعلون آخرون لا علاقة لهم بالانتخابات،ويقرروا مكانهم ،وهذه هي المفارقة وقمة أزمة السياسة الآن في المغرب.