عبد الإله الجواهري: معجزة محمد بصطاوي ..

عبد الإله الجواهري: معجزة محمد بصطاوي ..

محمد بصطاوي، الفنان الراحل عن دنيانا قبل سنة من الآن، حقق معجزة الزمن في عالم الإبداع والفن مساء هذا اليوم (أول أمس الخميس)، هذا اليوم اليانع بالفرح النادر، بعد تراجع البسمة عن الوجوه المغربية وعموم أهل الحق بمملكة الحظ العاثر، تراجع الآمل.. بعد انحباس المطر في السماء ونزول الهراوات على رؤوس العلم والعلماء، نزول على هامات ما تطاولتها السماء، هامات الشموخ الإنساني والعلمي لمئات الأساتذة ورجال التربية والتعليم..

عاد بصطاوي، أو لنقل، بعث يوم الخميس 7 يناير 2016 بمدينة الدار البيضاء، وسط قاعة سينما الريف.. جاء لمعانقة أحبائه، من المبدعين والجمهور العاشق لفنه.. وقف أمامهم بقامته الشامخة ووجهه المرسوم بعناية إلاهية لافتة.. قدم لهم أهم ما لديه من حب وعطف ووفاء نادر للصديق (الحبيب) الذي ترك عائلته المؤلفة من زوجة وابنة.. الصديق/ الأب الذي أخرج بالقوة والقهر والعدوان الآثم، رحل خارج أرض أحبها وساهم في تحريرها، أرض اسمها بلد المليون شهيد، بلد العربي بن مهيدي ومصطفى بن بلعيد ومحمد بوضياف والدا الحسين أيت احمد، واللائحة الطويلة من الأبطال ..

بصطاوي، وكالعادة مثل كأنه لا يمثل، وقف أمام كاميرا كأنها لم تكن.. قدم أفضل ما لديه، باقات ورود تمثيلية، ولمسات فنية جد زاهية، وترنيمة الخلود الإلاهية. كان سيد الشاشة الفضية وساحرها الذي شد إليه الأنفاس، طيلة ساعة ونصف من العطاء والتلبس بحالات الوجد السينمائي الخلاق، في فيلم حمل عنوان "الوشاح الأحمر" لمحمد اليونسي. كان بصطاوي، وسيظل ما عاش الفيلم، المايسترو الضابط للإيقاع والمغني الصامت بلحن الوفاء والرابض عند الحدود الشائكة اللاإنسانية ..

كان هنا معنا.. لهذا لم نحس معه بوحشة المكان ولا بمرور دقائق الوقت وثقل الزمان.. كان البلسم الشافي والأخ الراعي والفنان الذي لا يمل.. كان، كما كان دائما، شموخا، واقفا أمامنا وجالسا بيننا.. وظل يظلل أماكننا السينمائية الفاتنة..

شكرا سي محمد بصطاوي على حضورك الطاغي، وشكرا على نبوغك وتألقك اللامتناهي.. شكرا لأنك ورغم رحيلك، مازلت تنشر مفاهيم البهجة بيننا وقوة حب الحياة في نفوسنا الواهية..

Bastaoui-Md

الراحل الفنان محمد بسطاوي