لن يضطر المغاربة بعد اليوم لمشاهدة القنوات الفضائية من أجل التباكي على المشاهد الدموية التي تحدث في مدن عالمية، حيث حرب الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن. مع حكومة بنكيران يمكن أن نتوقع الأسوأ، ولا نستغرب من كل هذه الانتهاكات الحقوقية و"التفرشيخ" الذي تعرض له الأساتذة المتدربون في ربوع المملكة، وكيف انهالت هراوات القمع على رؤوسهم، وسفحت دماؤهم، وسحلت نساؤهم، وأهين رجال ونساء التربية والتعليم، لأن وزير التعليم "رشقات ليه" وأصدر مرسومين، ليس لإصلاح منظومة التعليم بل تخريبها، خاصة قرار تخفيض المنحة "الهزيلة" التي كان يتلقاها الأساتذة المتدربون بمراكز التكوين الجهوية، بالإضافة إلى قرارات أخرى تجعل من رجل التعليم الذي يضع قدمه على أول عتبة لدخول مسار مهني طويل وشاق هو "الحائط القصير" لحل الأزمة المالية الخانقة التي تشهدها مجمل القطاعات الحكومية، وليست حكرا على التعليم لوحده. بنكيران ووزراؤه الذين يمارسون "ساديتهم" في أبشع أشكالها يزرعون الأشواك أمام أبناء "المزاليط" و"الدراويش" و"البسطاء" من الشعب. هذا الشعب الذي يتحدث بنكيران باسمه ويتودد له في البرلمان ويمدحه ويلح بأنه يشرّع القوانين ويلهب الأسعار و"يسفّه أحلام" المتقاعدين بتفويض منه (أي الشعب)، وهو التفويض نفسه الذي يستغله بنكيران ليجلد به الطلبة الأطباء والأساتذة المتدربين، بل بلغ به التطاول إلى أن يمد يده لاختلاس عرق المتقاعدين. الفقراء والطبقة المتوسطة والكادحون الذين يتقاضون "جوج فرنك ديال بصح ماشي ديال بلعاني" هم من يدفعون الثمن بالعملة الصعبة.
بعد الحسين الوردي الذي أشعل نار الفتنة بقطاع الصحة، وجعل من الطلبة الأطباء والطلبة الداخليين والمقيمين حطبا لسياسته الصحية الفاشلة، والدليل أن في عهده شهدت كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان أطول حالة عصيان طلابي، ورفعت في وجهه شعارات الإدانة، ها هو "العجوز" رشيد بلمختار يشعل النار في أجساد الأساتذة المتدربين، ويريق دماءهم في مشاهد لن تمحى من ذاكرة رجل التعليم الذي كاد أن يكون رسولا... ليست بالزرواطة يمكن لجم من ستسند له الحكومة تربية الأجيال القادمة، ليس بالترهيب والتعنيف البدني يمكن تمرير قوانين في منتهى الظلم، ليس بانتهاك كرامة الطلبة الأساتذة وتمريغ أنوفهم في الوحل يمكن أن يقنع بنكيران المغاربة بأنه رجل الإصلاح ومحارب الفساد. العنتريات التي يمارسها بنكيران فقط على أبناء الطبقات الشعبية السفلى ستكتب في سجله وترفع من ميزان سيئاته.. بنكيران يسابق الزمن قبل انتهاء ولايته التشريعية لتمرير أبشع القوانين لامتصاص دماء المغاربة.. بنكيران وفريقه الحكومي ونواب البرلمان بقطبيه في الأغلبية أو المعارضة لن يسامحهم التاريخ على كل قطرة دم بريئة أريقت، وكل فرنك زاده على المغاربة وألهب به الأسعار، وكل ضريبة اقتطعها بنكيران من لحم المغاربة ليلمع حذاء حكومته..
بنكيران سيذهب، لكن الشعب سيبقى ورصاصه الذي فجره في صدور المغاربة سيبقى.. ولعنته ستبقى!!