بدت الأوضاع قاتمة في سجون النساء بجهة الدار البيضاء.. هذا ما كشف عنه تقرير قدمته الأستاذة سوميشة رياحة، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الدار البيضاء سطات، يوم أمس الأربعاء 30 دجنبر الجاري.. فرغم أن السجينات بلغ عددهن 1849 من مجموع 75 ألف نزيل، فإن العدد يبدو مهما، ويحتجن لإدماج حقيقي في المجتمع بعد قضاء عقوبتهن، وقبل ذلك لابد من أنسنة ظروف سجنهن..
"تقترن أوضاع النساء عموما بوجود تشريعات وسياسات وممارسات تمييزية تعرضهن للعنف والإقصاء، ولانتهاك حقوقهن الإنسانية في الفضاءات الخاصة والعامة، بما فيها فضاءات السجون، التي تم بناؤها وتجهيزها وتنظيم تسييرها وفق حاجيات السجناء الذكور".هي أول ملاحظة وردت في التقرير، ما يلخص الوضعية الميدانية للمئات من السجينات، وهن بلغة الأرقام:
- أعلى نسبة من السجينات هن متزوجات، يشكلن نسبة 40,35% من مجموع النزيلات، تليها نسبة العازبات بـ 06.32%، ثم المطلقات 21,46%، وتحتل الأرامل آخر ترتيب من حيث الأهمية العددية، بنسبة 6,12 %
- تنتشر الأمية في أوساط السجينات بمختلف سجون المغرب، فأزيد من 600 سجينة هن أميات لم يسبق لهن ولوج المدرسة، ويشكلن نسبة 39,60% من مجموع السجينات، وشكلت نسبة السجينات اللواتي تراوح مستواهن التعليمي ما بين الإعدادي والثانوي 21,59%، أما السجينات اللواتي وصلن إلى التعليم العالي فيمثلن أزيد من 5% من مجموع السجينات، حيث توجد 77 جامعية بسجون المغرب؛
- تشكل السجينات في إطار الاعتقال الاحتياطي نسبة 21,26% من مجموع السجينات بالمغرب، ويتجاوزن ربع السجينات بسجون جهة الدار البيضاء (26,49%)، محتجزات في نفس ظروف المجرمات المدانات، الأمر الذي يتسبب في انتهاك الحقوق الإنسانية للمحتجزات المتهمات واللواتي يعتبرن بريئات إلى أن تثبت إدانتهن؛
- أعلى نسبة من الجرائم التي أدينت فيها النساء أو اتهمن بارتكابها تتعلق بما صنفته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة التأهيل بالجرائم ضد الأشخاص، التي تشكل حوالي ربع الجرائم المسجلة، (24,68%) وتندرج فيها جرائم تتعلق بالقتل العمد وغير العمد، أو الاعتداء أو الضرب المفضي إلى الموت؛
- تتراوح الأحكام الصادرة في حق النساء المدانات المحتجزات في سجون المغرب بين عقوبة حبسية تقل مدتها على 6 أشهر وعقوبة الإعدام. كما أن أزيد من نصف السجينات بالمغرب (742 سجينة) يقضين عقوبة تقل مدتها عن سنتين، ويشكلن نسبة (61,88%) من مجموع السجينات، من بينهن سجينات مدانات بعقوبة حبسية تقل مدتها عن ستة أشهر(20,47%)..
ومن بين الملاحظات التي أوردها التقرير:
- خلال توزيع السجينات على الزنازن/الغرف، لا تحترم قاعدة الفصل بين السجينات القاصرات والبالغات وبين السجينات الاحتياطيات والمدانات بأحكام، وبين المريضات والمدمنات والمسنات وباقي السجينات بسجون الجهة.
- افتقار معظم سجون جهة الدار البيضاء-سطات لبنيات ومرافق ووسائل من شأنها توفير شروط احترام حقوق السجينات الإنسانية، إذ تشترك في كونها لا توفر مساحات واسعة ومرافق خاصة وكافية للسجينات..
- لا تتوفر مصحات طبية بأحياء النساء في أغلب سجون جهة الدار البيضاء-سطات، وتنحصر بعض المرافق الصحية الموجودة في قاعات صغيرة للفحص، أو غرف "مغلقة" خصصت لإقامة المريضات..
- تتسم الفضاءات المخصصة للنساء السجينات بشأن حقوق الأمومة والرعاية الصحية، والتعليم والتكوين المهني، والفسحة وممارسة الأنشطة الترفيهية والرياضية بالغياب أو النقص..
- افتقار أحياء النساء بالسجون المحلية التابعة لجهة الدار البيضاء-سطات لمرافق خاصة بالنساء الحوامل والأمهات والمرفقات بأطفالهن، يعكس تجاهلا للحاجيات الخاصة بالسجينات الأمهات، مما يتعارض مع ما ينص عليه..
- تعد السجينات القاصرات من الفئات الأكثر تعرضا للمخاطر داخل المؤسسات السجنية بسبب صغر سنهن وهشاشتهن، وغالبا ما يتعرضن للعنف والاستغلال بشتى أشكاله بسبب غياب تدابير الحماية الخاصة بهن، مما يشكل شرطا لانتهاك حقهن في الأمن والسلامة؛
- تعتبر السجينات المسنات مستضعفات داخل السجن، مدانات في غالبيتهن بعقوبات حبسية طويلة الأمد، محرومات من الرعاية الصحية والاجتماعية المناسبة لأوضاعهن، يعانين في غالبيتهن من الفقر بسبب تخلي العائلة عنهن، ومن الأمراض بسبب التقدم في السن وبسبب ظروف السجن..
وقد خلص التقرير إلى أن النواقص المرتبطة بالبنيات والخدمات المتوفرة بأماكن احتجاز النساء في سجون جهة الدار البيضاء-سطات، إضافة إلى الانتهاكات التي تطال حقوق السجينات، تستدعي إصلاحا فوريا يشمل السياسات والممارسات والتشريعات المتعلقة بالعدالة الجنائية وبأنظمة السجون، من أجل ضمان الحقوق الإنسانية للسجينات وتلبية احتياجاتهن الخاصة كنساء، وذلك فق ما نصت عليه المعايير الدولية لحقوق الإنسان ولحقوق السجناء والسجينات.
في هذا السياق، تقدم اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء-سطات أكثر من 80 توصية موزعة على المحاور الكبرى التالية:
- توصيات ذات الصلة بالتشريعات والضمانات القانونية.
- توصيات متعلقة بالبنيات والتجهيزات والخدمات.
- توصيات بشأن احترام وحماية الحق في الصحة وفي التكوين والتعليم.
- توصيات بشأن ضمان احترام الحق في الشغل داخل المؤسسات السجنية.
- توصيات بشأن الحق في حسن المعاملة والحماية من العنف.
- توصيات بشأن ضمان احترام الحق في الاتصال بالعالم الخارجي.
- توصيات بشأن الحق في ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية.
- توصيات خاصة بالشروط الحمائية لفئة السجينات الحوامل والأمهات.
- توصيات خاصة بالشروط الحمائية لفئة السجينات القاصرات والمسنات والأجنبيات وذوات الإعاقة.
- توصيات بشأن الاستفادة من الإفراج المقيد بشروط ومن العفو.
- توصيات بشأن تعزيز تكوين وتأهيل موظفي وموظفات السجون.