نزاع قضائي حول أكثر من 300 مليون تركها فرنسي لفائدة صديقه وحارسه المغربيان في الدار البيضاء

نزاع قضائي حول أكثر من 300 مليون تركها فرنسي لفائدة صديقه وحارسه المغربيان في الدار البيضاء

لأزيد من 3 ساعات دون توقف، ظل الحسين الحوزي، واقفا يتلقى سيلا من الأسئلة، تارة من المحامي الأستاذ كروط، وتارة من رئيس الجلسة الأستاذ الطلفي، والهدف هو معرفة مدى صدقية الوصية التي بموجبها يتحدث الحوزي عن أحقيته في حيازة نصفها، والمقدرة في المجموع في مبلغ أكثر من 3 ملايين و213 ألف درهم..

فما هي حيثيات هذه القضية التي شغلت بال المتتبعين ضمن ما يعرف بعقارات الأجانب بالدار البيضاء؟

تعود هذه القضية لـ 16 يونيو 2011، في هذا اليوم انتقل إلى جوار ربه "جورج بريسو" (94 سنة)، من جنسية فرنسية، مزداد بمدينة فاس، لم يترك هذا الطبيب الذي كان يشتغل بالحي المحمدي بالدار البيضاء، زوجة ولا ابنا ولا قريبا يرثه.. وحسب الوثائق التي يتوفر موقع "أنفاس بريس" على نسخة منها، فإن "بريسو" ترك وصية مسجلة بتاريخ شتنبر 2007، مفادها أنه يوصي لمصطفى حيم والحسين الحوزي، بكل ما يملكه مناصفة بينهما، الأول من أقرب أصدقائه، وكان مكلفا بإدارة أعمال الراحل، والثاني حارس مقر سكناه، بإحدى الفيلات بالدار البيضاء، الوصية تضمنت مجموع تركة الراحل بما اشتملت عليه من أموال منقولة أو غير منقولة وودائع وسندات وأسهم وعقارات أينما وجدت داخل المغرب أو خارجه وتحت أيدي أي كانت، من بينها مبلغ 3.213.585،73 درهما كانت مودعة بصندوق المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، وقد تم تحرير الوصية بمكتب الأستاذ العربي المكتفي.. بعد ظهور الوصية للعلن، تقدم "جيرار بينتاح"، الذي يقدم نفسه أنه ابن أخت الراحل، بطلب للوكيل العام للملك وشكايات أخرى إلى الشرطة مرتكزا على أن الوصية مزورة متهما حيم والحوزي بأنهما ليسا وريثان شرعيان متهما إياهما بالنصب، ابتدائيا قضت المحكمة بأن الوصية هي وصية صحيحة ومنتجة لآثارها القانونية وتسليم الموصى لهما المبلغ بنسبة 50 في المائة لكل واحد منهما، وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف في يونيو 2012، كما قضت محكمة النقض في أبريل 2014، برفض طلب النقض، مادام أن القرار الاستئنافي معلل بما فيه الكفاية ولم تخرق حقوق الدفاع ولا القانون ولا أي قاعدة مسطرية..

ولأن المساطر القضائية متشعبة، وطال أمد التقاضي، فإن تطورات جديدة ظهرت أثناء سير العدالة، حيث تم تقديم مصطفى حيم في أكتوبر 2012، رفقة شخصين آخرين، إلى الوكيل العام للملك الذي تابعهم بجناية "تكوين عصابة إجرامية وخيانة الأمانة والتزوير في ورقة معدة للتقييد في الرسم العقاري"، على الرغم من صدور أحكام مسبقة قضت بصحة الوصية وصحة التوقيع المنجز عليها، كما تم إدراج الحسين الحوزي ضمن نفس الملف، واعتقال الموثق العربي المكتفي، لتتم إدانة هذا الأخير بـ 12 سنة سجنا نافذا والباقي بـ 7 سنوات لكل واحد منهما..

مساء أمس تم عرض القضية أمام محكمة الاستئناف الدرجة الثانية بالدار البيضاء، حيث تراجع الحسين الحوزي عن كل أقواله أمام الضابطة القضائية والدرك الملكي وقاضي التحقيق، مقدما نفسه أنه كان يتعرض أثناء سريان التحقيق معه لضغوطات جهات لم يسمها، لكنه ذكر أكثر من مرة أنه كان يتلقى تهديدا من قبل دفاعه السابق، والمتمثل في الأستاذ طبيح، هذا الأخير، وبمجرد انتهاء الاستماع له من قبل رئيس الجلسة، تقدم بشكاية مكتوبة لهذا الأخير ولممثل النيابة العامة، ملتمسا التحقيق في الشكاية وفق القانون المنظم بالتبليغ عن جريمة غير واقعية، وهي تعرض شخص لتهديد من قبل دفاعه، وهي الشكاية التي تم تحريرها ضمن محضر الجلسة.. وتساءل الأستاذ طبيح الذي ينوب عن المتهم مصطفى حيم إلى جانب الأستاذ كروط، عن أسباب تراجع الحوزي عن أقواله في الوقت الذي لم تتغير تصريحاته منذ سنة 2009، ولم يظهر فيها أي تناقض بين كل ما تضمنته محاضر الشرطة والدرك وقاضي التحقيق، ملتمسا تطبيق القانون لأن اتهامه بممارسة التهديد ضد موكله يعد ضربا لمساره المهني، وتأثيرا على صورته الاعتبارية.

وفي انتظار الجلسة المقبلة والمحددة يوم الجمعة 8 يناير 2016، يبدو أن هذا الملف أخذ أبعادا خارج جدران محكمة الاستئناف، وهو ما تحدث عنه بعض أعضاء هيئة الدفاع كون أطرافا سياسية تدخلت فيه وأخرجته من مساره المدني إلى الجنائي، فإلى أي حد يعد هذا الادعاء صحيحا أو كاذبا؟

(تفاصيل أوفى ضمن العدد المقبل من أسبوعية "الوطن الآن")